حول مسألة الانسحاب من معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى
على مدى العامين الماضيين، دأبت وسائل الإعلام الغربية في حملة تضليل إعلامي نشطة ضد روسيا، مدعية على وجه الخصوص أن روسيا تنتهك معاهدة القوات النووية متوسطة المدى، وهذا ما يعني أيضا التعدي على مصالح (قوات الصواريخ الاستراتيجية).
على وجه الخصوص، تم اتهام روسيا بالانتهاكات المزعومة لمعاهدة معاهدة القوات النووية متوسطة المدى بسبب اختبارها نموذج أولي لـ ( صاروخ باليستي عابر للقارات) روسي جديد، يسمى ( آر إس 26) وجاء هذا الاتهام في مقال في صحيفة واشنطن تايمز في يوليو/تموز من عام 2013.
ولتبرير مثل هذا الادعاء، افترضوا أن هذا الصاروخ هو نموذج متوسط المدى. على كل حال، فإن أول تجربة إطلاق ناجحة للصاروخ (يارس أو آر إس 26) ذي الرأس الواحد كانت من "بليسيتسك" إلى "كامتشاتكا"، وهو مدى قاري. وزعمت وسائل الإعلام الأمريكية أن الصاروخ انطلق من "كابوستين جار" في منطقة "بلخاش" وكان برؤوس متعددة وهي سمة للصواريخ متوسطة المدى.
وتجدر الإشارة إلى أنه بالفعل من الراسخ أن يتم تحديد المسافة القصوى من خلال إسقاط مسار الرحلة على الكرة الأرضية التي انطلق منها، ونقطة سقوط الرأس الحربي للصاروخ ذاتي الدفع. وقد تم تطوير هذا المفهوم بالفعل منذ فترة طويلة ضمن إطار اتفاقية (الأسلحة الهجومية الاستراتيجية)، والمنصوص عليه في اتفاقية التشغيل على (الأسلحة الهجومية الاستراتيجية) 2010 (الفصل 1، البند 12 "شروط وتعاريفها" - بروتوكول اتفاق الأسلحة الهجومية الاستراتيجية 2010 ).
من وجهة النظر هذه، فإن النموذج الموجه للصاروخ الجديد مع مدى أكثر من 5500 كم يمكن أن يندرج بشكل لا لبس فيه تحت فئة الصواريخ "العابرة للقارات". وهكذا، فإن هذه تجربة هذه الصواريخ تندرج في إطار العمل باتفاقية CSOA-2010، وهي مقبولة في ما يخص معاهدة القوات النووية متوسطة المدى.
في الرجوع إلى هذا، فإن مصطلح "صاروخ عابر للقارات" يعني صاروخا باليستيا يبلغ مداه اكثر من 5500 كم فوق الأرض (الفصل 1 البند 25 "شروط وتعاريفها" بروتوكول CSOA 2010).
مصطلح "صواريخ متوسطة المدى" يعني صاروخ باليستي يعبر مسافة برية أو بحرية تزيد عن 1000 كم، ولكنها لا تزيد عن 5500 كم (البند 5 من المادة الثانية من معاهدة القوات النووية متوسطة المدى).
الآن، وفقا لوسائل الإعلام، فإن تقريرا لمركز سلاح الجو الأمريكي وبعد التحقيق ب (تقرير مخابرات القوات الجوية الذي يوفر لقطات للصواريخ النووية) يجادل حول الصاروخ الروسي الجديد الذي تم اختباره في المدى القاري، ويؤكد أن المعلومات الأولية السابقة التي زعمت أن روسيا كسرت معاهدة القوات النووية متوسطة المدى هي معلومات خاطئة. وقد علق هذا التقرير "هانز م. كريستنسن"، مدير المعلومات النووية في مركز الاتحاد الأمريكي للعلماء.
لذلك، فإن الولايات المتحدة لم تعد تصر على أن هذه التجربة الصاروخية الروسية كانت مسألة انتهاك معاهدة القوات النووية متوسطة المدى. وعلى كل حال فإن الولايات المتحدة تتحدث الآن عن نشاط روسي معين الذي هو أبعد من معاهدة القوات النووية متوسطة المدىINF.
في 29 يوليو/تموز 2014 قال الممثل الرسمي للبيت الأبيض، "جوش أرنست"، بأن الرئيس الأمريكي بعث برسالة إلى الرئيس الروسي أبلغه بأن الولايات المتحدة تتهم روسيا بانتهاك معاهدة القوات النووية متوسطة المدى. ومع ذلك، فإن إدارة أوباما لا تقدم أية معلومات عن كيفية خرق روسيا لهذه الاتفاقية. في الرسالة، عبر أوباما عن مصلحة في مفاوضات رفيعة المستوى لغرض إنقاذ هذا الاتفاق. ووفقا لتقارير وسائل الإعلام، أوباما في وقت لاحق طرح هذا الموضوع في مكالمة هاتفية شخصية مع فلاديمير بوتين.
وفيما يتعلق بالادعاء الأمريكي أن روسيا انتهكت معاهدة القوات النووية متوسطة المدى، ذكرت وزارة الشؤون الخارجية في روسيا الاتحادية أن هذا الاتهام "لا أساس له" إطلاقا.
"مرة أخرى حاولت الولايات المتحدة (ومرة أخرى بشكل غير محبوك جيدا ) أن تلعب دور المرشد الوحيد الذي يملك الحقيقة المطلقة، وتصنف المرؤوسين" يقول البيان الصادر عن وزارة الخارجية الروسية. وبعبارة أخرى، تم وضع المزاعم الأميركية دون أي دليل. وهي تقوم على تخمينات غريبة واستنتاجات محددة سلفا دون أي خضوع إلى تحليل الخبراء. الهدف المحتمل من كل هذا هو إثقال دول العالم بالتضليل الإعلامي، لتشبع وسائل الإعلام بنوع من " مزيج الدعاية". ربما لا يزال الوهم قويا في إدارة أوباما وربما واشنطن، على حد تعبير وزارة الشؤون الخارجية فيها، وربما يعيشون حقا في عالمهم الصغير الخاص بهم.
هذا التعليق يعتبر واحدة من المرات العديدة التي قامت روسيا فيها بالدفاع عن نفسها لفظيا ضد العديد من الاتهامات والافتراءات القادمة من واشنطن، فيما يتعلق بمعاهدة القوات النووية متوسطة المدى، وينبه أنه من الضروري التعامل مع المشاكل التي قد تنشأ بروح التعاون، دون اللجوء إلى أسلوب غير منمق أو "دبلوماسية الصوت العالي".
ومع ذلك، فقد انتشرت هذه الاتهامات التي لا أساس لها من الصحة ضد روسيا على نطاق واسع نظرا للتأثير الكبير الذي تلعبه وسائل الإعلام.
تم قبول هذه التهم عن طيب خاطر من قبل منظمة حلف شمال الأطلسي، وتصريحات الأمين العام للناتو، "أندرس فوغ راسموسن"، تشهد بشكل خاص عن هذه الحقيقة المؤسفة.
في هذا التصريح، نوهت وزارة الشؤون الخارجية الروسية إلى أنه "إذا كان جوهر القلق هو مراعاة أحكام هذه الوثيقة، فإنه ليس من الضروري إعلامنا، ولكن كدولة من الدول المشاركة في الاتفاقية كان يجب على حلف شمال الأطلسي التعامل بطريقة أخرى". وأكدت وزارة الشؤون الخارجية الروسية "إذا كان الأمين العام لحلف الناتو برغب بجدية في المساهمة في تعزيز وضع الحوار حول المعاهدة المذكورة، فإننا نوصي الناتو يعطي الاتفاق طابع متعدد الأطراف لصالح روسيا التي عملت مرارا وتكرارا على هذه النقطة"، وزارة الشؤون الخارجية الروسية نوهت "في رأينا، ينبغي على حلف شمال الأطلسي توفير منصة مناسبة للتفاهم، وكان ممكن استدعاء الحلفاء للتشاور كخطوة أولى في مثل هذه الحالة".
في 11 سبتمبر 2014 في موسكو، جرت مشاورات بين الإدارات الروسية-الأمريكية بشأن موضوع معاهدة القوات النووية متوسطة المدى من الجانب الأمريكي كان نائب وزيرة الخارجية الامريكية "روز جوتمولر". ومثل الجانب الروسي "ميخائيل أوليانوف"، مدير قسم مسائل عدم الانتشار والسيطرة على الأسلحة برئاسة وزارة الشؤون الخارجية الروسية. وناقش الطرفان قلقهم إزاء تنفيذ الاتفاق والسبل الممكنة للقضاء على المشاكل التي يمكن أن تنشأ.
وأكد السيد أوليانوف أن واشنطن تتلاعب خلف الكواليس وأطلقت تجربة لصاروخ كروز مداه 500 كم. "لسوء الحظ، ليس لدينا وضوح كامل بشأن أي نوع من الشكوى لديهم ضدنا، وزعموا أننا قمنا بإجراء تجربة على صاروخ بحري ممنوع بموجب الاتفاق، ولكن نحن ليس لدينا أي معلومات أكثر من ذلك "، ذكر السيد أوليانوف لوكالة أنباء "ريا نوفوستي".
رئيس مركز معهد الأمن الدولي للرياضيات والاقتصاد التابع لأكاديمية العلوم الروسية، "ألكسي أرباتوف" أوضح لصحيفة مستقلة أن هناك أسئلة بخصوص الاختبارات المزعومة لصواريخ بحرية ذات المدى 500 كم.
ووفقا للمعلومات الصادرة عن وسائل الإعلام، فإن ممثل الوفد الأمريكي لم يتمكن من تقديم أي أدلة على انتهاكات روسيا معاهدة القوات النووية متوسطة المدى الجانب الأمريكي أعلن مرة أخرى مجرد أن البيانات المتاحة للولايات المتحدة هي "أصلية وحصرية"، وأنه لا يمكن أن يكون هناك أي شكوك بشأن موضوعية البيانات.
ومع ذلك، وفقا لميخائيل أوليانوف، روسيا لم تتلق إجابات مرضية فيما يتعلق بالانتهاكات المزعومة لمعاهدة القوات النووية متوسطة المدى التي زعمتها واشنطن.
وقد تم التعبير عن مواقف مماثلة من قبل واشنطن في حرب المعلومات المستمرة المعادية لروسيا فيما يتعلق بالأحداث في أوكرانيا.
وأعربت وزارة الخارجية الأمريكية، في المقابل، أن بواعث قلقها بشأن تنفيذ موسكو للاتفاق لم تتبدد.
ومع ذلك، خلال المشاورات، أكد الطرفان على أهمية الحفاظ على معاهدة القوات النووية متوسطة المدى واتفقا على مواصلة الحوار بشأن القضاء على الخلافات المتبقية.
معظم الخبراء يعتبرون المعلومات الصادرة حول الانتهاك المفترض معاهدة القوات النووية متوسطة المدى هي ذات صلة بالعلاقات الروسية الأمريكية المتوترة بسبب الأحداث في أوكرانيا. أولا وقبل كل شيء، هذه الادعاءات تشبه التهديد النفسي الذي يهدف إلى وضع مزيد من الضغط على روسيا الاتحادية جنبا إلى جنب مع فرض عقوبات اضافية.
ولذلك فمن الممكن أن نفترض أن هناك دوافع أخرى ل"الاتهامات" الأمريكية ضد روسيا.
فمن المستحيل أن يستبعد أي أحد أهداف القيادة العسكرية والسياسية الأمريكية من هذه الحملة المضللة وهي منع روسيا من إنشاء استجابات فعالة جديدة لمواجهة نظام الدرع الصاروخي الأمريكي. ومن بين هذه الأنظمة الجديدة هو سلاح ( الصواريخ العابرة للقارات الروسية)، القادر على اعتراض كل أنظمة الدفاع المضادة للصواريخ الأمريكية الحالية والمستقبلية. من بين هذه الصواريخ الروسية الاستراتيجية هو صاروخ "اسكندر" العملي والتكتيكي الذي وصفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في 23 نوفمبر 2011 بأنه وسيلة لهزيمة نظام الدرع الصاروخي الأمريكي في بولندا عن طريق "مجمع صواريخ في منطقة كالينينغراد".
وفي محاولة واشنطن التصدي للانتقادات الروسية لانتهاكاتها العديدة والحقيقية للاتفاق، بدأت بإلقاء الاتهامات ضد روسيا بشأن "انتهاكات" وهمية معاهدة القوات النووية متوسطة المدى.
كان هناك أيضا وجهة نظر أخرى بين الخبراء الروس: تقول أن الاتهامات الأمريكية ضد روسيا (بخصوص انتهاك معاهدة القوات النووية متوسطة المدى) تأتي من أجل تحديد شروط مسبقة للخروج الولايات المتحدة من جانب واحد من معاهدة القوات النووية متوسطة المدى، والتوسع بإنتاج الصواريخ متوسطة المدى التي قد تصل إلى الحدود الروسية.
في عام 2005، نشرت صحيفة بريطانية مؤثرة "صحيفة فاينانشال تايمز" مقالا عن مصادر في الإدارة الأمريكية أكدت أن وزير الدفاع الروسي "سيرغي ايفانوف" خلال زيارته إلى الولايات المتحدة ناقش مع وزير الدفاع الأمريكي "دونالد رامسفيلد" إمكانية ترك روسيا لمعاهدة القوات النووية متوسطة المدى. وهكذا وفقا للصحيفة، فإن الاقتراح الروسي بالانسحاب من معاهدة القوات النووية متوسطة المدى لم يسبب أي اعتراضات من الولايات المتحدة. وقد أثارت هذه المقالة جدلا في وسائل الإعلام، ولكن جاء النفي فقط من الدوائر الرسمية. ووفقا لتصريحات رئيس المكتب الصحفي في وزارة الدفاع الامريكية "إن الولايات المتحدة هي الدولة التي وقعت على الاتفاقية، وضد إلغائها أو خروج أي بلد منها". وتحدث "الكسندر ياكوفينكو"، المتحدث الرسمي لوزارة الشؤون الخارجية الروسية، عن "التزام روسيا معاهدة القوات النووية متوسطة المدى.
وقد تم طرح فكرة خروج الولايات المتحدة من معاهدة القوات النووية متوسطة المدى في وسائل الإعلام الغربية بأنه عمل جيد. على سبيل المثال، وفقا لوكالة أنباء ريا نوفوستي "أصبح الاتفاق على الصواريخ متوسطة المدى وقصيرة المدى خارج الخدمة حتى قبل الانتهاكات الروسية". ("وول ستريت جورنال"، 2014/9/11). هنا يحث المؤلف الولايات المتحدة على التخلي عن معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى لتحديث الترسانة الأمريكية بحيث تتوافق مع المسؤولية العالمية للبلاد.
وفي هذا السياق كانت الحلول المقترحة في قمة حلف شمال الأطلسي في سبتمبر 2014 (الذي عقد في نيوبورت) بشأن تعزيز الجبهة الشرقية للحلف تصب في اتجاه تعزيز الوجود العسكري للتحالف قرب حدود روسيا. مقترحات الساسة الغربيين لتجاهل الإلتزامات المتعلقة بالمعاهدة التي صادقت عليها منظمة حلف شمال الأطلسي في القانون الأساسي لعام 1997، التي تنص على أن مجموعات من القوات المسلحة والأسلحة النووية لن توضع على أراضي دول جديدة حلف شمال الأطلسي الجديدة المجاورة لروسيا.
وفي الوقت نفسه، كانت الفائدة من هذه المعاهدة التي أبرمت سنة 1987 ولأجل غير محدد موضع تساؤل. وقد تم بالفعل مناقشة مسألة الانسحاب منها بشكل دوري في وسائل الإعلام الغربية وبين الخبراء والسياسيين. كما نوقشت هذه المسألة بنشاط في روسيا مع الموجة الأولى من توسع الناتو عندما قامت الولايات المتحدة بعدوانها ضد يوغوسلافيا وخروج محتمل للولايات المتحدة عن الاتفاق، وبعد خطط أميركا لتوسيع نظام الدرع الصاروخي في أوروبا، تم شجب معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى من قبل عدد من الشخصيات الروسية رفيعة المستوى في الدولة والجيش.
في عام 2006، أجاب رئيس معهد البحوث المركزي الرابع في وزارة الدفاع الروسية، اللواء "فاسيلينكو"، على الأسئلة التي طرحتها "انترفاكس"، مبينا أن "التوسع في نظام صواريخ أرض- أرض المتوسطة المدى هي واحدة من الطرق التي يمكن من خلالها ضمان مبادئ الأمن القومي ". وفي تصريحه، أولى اهتماما خاصا بأن لا يتعارض كلامه مع موقف وزارة الشؤون الخارجية الروسية. وعند النظر في مسألة توسيع نظام صواريخ متوسطة المدى، فمن الضروري نقاش الموضوع من الناحية الاقتصادية والعسكرية.
ووفقا للمعلومات التي نشرتها وسائل الإعلام في عام 2006، خلال الاجتماع اللاحق لوزيري الدفاع الروسي والأمريكي استجابة لمبادرة "رامسفيلد" بشأن استخدام الرؤوس الحربية لمكافحة التهديدات الإرهابية، وقدم وزير الدفاع الروسي عرضا مضادا يقوم على إعادة تجهيز جزء من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات من أجل استخدامها كصواريخ متوسطة المدى ضد الإرهابيين.
في 10 فبراير، 2007 الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خطابه المعروف حول قضايا الأمن في ميونيخ، أشار إلى أن عددا من دول العالم الثالث قد أنتجت صواريخ متوسطة المدى، وماتزال الولايات المتحدة تمنع روسيا من امتلاك مثل هذه الفئة بموجب معاهدة القوات النووية متوسطة المدى.
ثم، أشار وزير الدفاع الروسي "إيفانوف"، في حديث مع الصحافيين في ميونيخ، إلى معاهدة القوات النووية متوسطة المدى بأنها "بقايا الحرب الباردة".
في عام 2007، وقد ألمح رئيس هيئة الأركان العامة في روسيا "بالويفسكي" إلى إمكانية تخلي روسيا عن معاهدة القوات النووية متوسطة المدى كرد على خطط التوسع الأمريكية في نظام الردع الصاروخي في أوروبا.
وأشار قائد " قوات الصواريخ الاستراتيجية" سولوفتسوف، خلال تعليقات إلى هذا الموضوع، أن القوات الصاروخية مستعدة لأي تطورات في الوضع. وأضاف "اذا تم اتخاذ قرار سياسي للخروج من الاتفاق، فإن القوات الصاروخية سوف تكون على استعداد لتسوية القضية".
وعلق وزير الخارجية الروسي، " سيرغي لافروف" ، أن بيان المسؤول العسكري رفيع المستوى، لا تعني أن أي قرار نهائي تم اتخاذه "في هذه الحالة لا يوجد أي قرار تم اتخاذه. نحن ببساطة نقيم الوضع ".
في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2007، تم الإعلان عن بيان روسي أمريكي مشترك في اطار معاهدة القوات النووية متوسطة المدى خلال الدورة 62 للجمعية العامة للأمم المتحدة. في هذا البيان، حثت روسيا والولايات المتحدة بعضها البعض لمناقشة إمكانية إعطاء الطابع العالمي لمعاهدة القوات النووية متوسطة المدى برفض امتلاك دول أخرى صواريخ يبلغ مداها 500-5500 كم، والسعي لتدمير أي من نوع من هذه الصواريخ بالتزامن مع إنهاء أي برامج ذات صلة.
وقد ذكر هذا الموضوع أيضا من قبل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين: "من الضروري أن يعطى الاتفاق طابعا عالميا. وإذا لم نتمكن من تحقيق هذا الهدف، فإنه سيكون من الصعب بالنسبة لنا أن نبقى ضمن هذا الاتفاق بينما تعمل دول أخرى على تطوير هذه النظم من الأسلحة، بما في ذلك الدول التي هي على مقربة من حدودنا "، صرح الرئيس بوتين. وقد تم تفسير هذه الكلمات في وسائل الإعلام كما لو أنها احتمال خروج روسي من معاهدة القوات النووية متوسطة المدى.
في 2013-2014 انتقد "إيفانوف" مدير ديوان الرئاسية الروسية، معاهدة القوات النووية متوسطة المدى بشكل خاص، وصرح أن معاهدة القوات النووية متوسطة المدى كانت في موضع نقاش ، وأنه لا يمكن مراقبتها لوقت غير محدود.
ومع ذلك، في اجتماع للتشاور حول معاهدة القوات النووية متوسطة المدى في سبتمبر 2014، لوحظ أن "روسيا لا تنوي إلغاء الاتفاق مع الولايات المتحدة بشأن الصواريخ متوسطة المدى والمماثلة وذلك طالما أن روسيا تعتقد أن مصالحها الأمنية ليست مهددة". وصرح ايفانوف في حديث لصحيفة روسية أنه "في حالات استثنائية وفقا للشروط، فإن أي من الطرفين يستطيع أن ينقد الاتفاقية. أنا أؤكد أن ذلك يحدث فقط في الحالات الاستثنائية، ولكن لا أتوقع أي من هذه الحالات في الفترة المقبلة ".
"يوري بالوفيجسكي"، أعلن في صيف عام 2014: "أنا ما زلت على قناعة بأن معاهدة القوات النووية متوسطة المدى تسبب الضرر لنا. في حال ألغت روسيا الاتفاقية، سيكون هناك المزيد من الإيجابيات أكثر من السلبيات. الآن وقد تموضعت عناصر نظام الدرع الصاروخية الأمريكية على قواعد أساسية في أوروبا الشرقية ، إضافة الى أن علاقاتنا مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي ساءت أكثر إزاء الأحداث في أوكرانيا، فإن رفض اتفاقية معاهدة القوات النووية متوسطة المدى أكثر واقعية من أي وقت مضى ".
بالرغم من ذلك، فإن وزارة الشؤون الخارجية الروسية أكدت باستمرار وبشكل رسمي على التزام روسيا بمعاهدة القوات النووية متوسطة المدى.
وكثير من مناصري الانسحاب من معاهدة القوات النووية متوسطة المدى لن تسفر محاولاتهم بأي نتيجة وذلك لأن القضية تتعلق بأمن وسلامة روسيا. هم يشيرون إلى عدد من العواقب السلبية الناتجة عن مثل هذا القرار. تقدمت وجهة نظر مثيرة للاهتمام في هذا الشأن من قبل الرئيس السابق لمعهد البحوث المركزي الرابع في وزارة الدفاع الروسية، اللواء "فوركين". حيث يرى "أن الانسحاب من معاهدة القوات النووية متوسطة المدى لن يكون مفيدا لطالما أن الصواريخ متوسطة المدى هي في الواقع من تصنيع روسيا"، والمقصود صاروخ (آر إس 26).
ومع ذلك، يمكن ايجاد عدد كبير من مؤيدي الانسحاب من معاهدة القوات النووية متوسطة المدى بين الخبراء.
وبالإضافة إلى ذلك، فقد أعرب عن فكرة تعديل معاهدة القوات النووية متوسطة المدى في مجتمع الخبراء.
وقد تم التصويت لإعادة مناقشة معاهدة القوات النووية متوسطة المدى بين الخبراء، والموافقة من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وحلف الأطلسي ,وذلك نظرا لحق روسيا في الحفاظ على ترسانة من أنظمة الصواريخ الإقليمية.
وهكذا، يتضح أن المناقشات الدورية حول الانسحاب من معاهدة القوات النووية متوسطة المدى تشهد على وجود قضايا رسمية محتملة في هذه الاتفاقية.
المواد المرفقة لهذه المناقشات تعرض أن الدراسات الأولية لاحتمال الانسحاب من معاهدة القوات النووية متوسطة المدى قد أخذت مسبقا بشكل جدي.