العاهل المغربي يكلف ابن كيران بتشكيل حكومة جديدة

الثلاثاء, 11 أكتوبر, 2016 - 08:15

كلف الملك المغربي محمد السادس رئيس الحكومة المنتهية ولايته عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الإسلامي الفائز بالانتخابات البرلمانية، تشكيل حكومة جديدة.
وجاء في بيان رسمي صادر عن وزارة القصور الملكية المغربية ان الملك محمد السادس "استقبل (...) السيد عبد الإله ابن كيران الامين العام لحزب العدالة والتنمية، وعينه (...) بمقتضى الدستور رئيسا للحكومة".
وقال ابن كيران لصحافيين بعد تعيينه، "سأبدأ مشاوراتي مع الأحزاب السياسية في أقرب فرصة من أجل تشكيل هذه الحكومة، التي أتمنى أن نوفق فيها جميعا".
وبموجب الدستور، يختار الملك رئيس الحكومة من الحزب الذي تصدر نتائج الانتخابات.
وحصل حزب العدالة والتنمية الإسلامي في الانتخابات البرلمانية التي جرت الجمعة على 125 مقعدا من أصل 395، فيما حصل غريمه حزب الأصالة والمعاصرة على 102 من المقاعد، ليستأثر هذان الحزبان وحدهما ب57,5% من المقاعد، فيما توزعت المقاعد المتبقية على عشرة أحزاب أخرى.
وإزاء رفض الجانبين التحالف، سيكون على عبد الإله ابن كيران أن يقود مفاوضات مع باقي الأحزاب للحصول على غالبية مريحة (198 مقعدا) داخل البرلمان لتسهيل عمل حكومته، أي أنه في حاجة إلى 73 مقعدا على الأقل لبلوغ هذا الهدف.
وتمكن عبد الإله ابن كيران من قيادة الحكومة خلال السنوات الخمس الماضية دون أن يفقد الإسلاميون شعبيتهم، وقد أكدت الانتخابات ذلك.
واستطاع ابن كيران الذي أعلن مرارا ولاءه للملكية كضمانة للاستقرار في المغرب، أن يفرض نفسه وحزبه شريكا أساسيا للقصر، رغم الصعوبات والضغوط التي واجهته داخل وخارج التحالف الحكومي السابق.
وبحسب المؤرخ المغربي المعطي منجب، فقد "نجح ابن كيران في تقلد دورين؛ من الناحية الرسمية كان رئيسا للحكومة، ومن الناحية غير الرسمية لعب دور المعارضة".
ويقود حزب العدالة والتنمية التحالف الحكومي منذ الانتخابات التشريعية التي جرت في 2011.
ولا يسمح النظام الانتخابي المغربي لأي حزب بالفوز بأغلبية المقاعد، ما اضطر الإسلاميين إلى الدخول في تحالف من أربعة أحزاب (محافظة وليبرالية وشيوعية) وصف بالهجين وغير المتجانس ولم يمكنه من تطبيق وعوده الانتخابية وأثار أزمات حكومية متتالية خلال السنوات الخمس الماضية، من دون ان تتراجع شعبية الاسلاميين.
- صعوبة بناء تحالف جديد -
ويواجه حزب العدالة والتنمية تحديا يتمثل بصعوبة تشكيل ائتلاف حكومي جديد. وركزت الصحف المغربية الاثنين على السيناريوهات الممكنة أمام ابن كيران للتفاوض مع باقي الأحزاب لتشكيل التحالف.
وقالت صحيفة "ليكونوميست" ان "جميع الأحزاب الأخرى التي شاركت في الأغلبية المنتهية أو كانت في المعارضة تبقى في وضعية تشتت"، و"كل الأحزاب القديمة في تراجع مستمر"، في إشارة مثلا الى حزب الاستقلال المحافظ الذي يعود تأسيسه إلى ما قبل الاستقلال وقاد حكومات عدة في الماضي، والذي حل ثالثا في الانتخابات، وحزب التجمع الوطني للأحرار الذي جاء رابعا.
وما يزيد من تعقيد الأمر حسب اليومية نفسها، هو أن "حزب العدالة والتنمية لا يملك ما يكفي من هامش المناورة"، خصوصا أن غريمه حزب الأصالة والمعاصرة ضاعف عدد مقاعده مقارنة ب2011 (من 48 إلى 102)، "ما يحد كثيرا من الخيارات المتاحة لحزب العدالة والتنمية".
وأسس حزب الاصالة والمعاصرة في 2008 فؤاد علي الهمة، صديق الدراسة للملك ومستشاره الحالي قبل أن ينسحب منه في خضم الحراك الشعبي سنة 2011 عندما اتهمه متظاهرون بالفساد. وهو يتهم حزب العدالة والتنمية ب"اسلمة المجتمع".
ويبقى الملك في المغرب صاحب القرار الاخير في "المسائل الاستراتيجية والبعيدة المدى"، بحسب ما اشار اخيرا تقرير لمركز "كارنيغي" للابحاث، ويحتفظ بمعظم السلطات.
وسيكون على ابن كيران أن يفاوض كبار الأحزاب الخاسرة وعلى رأسها حزب الاستقلال المحافظ الذي انقلب على الإسلاميين في وسط الولاية السابقة وخرج الى صف المعارضة، إضافة إلى حزب التجمع الوطني للأحرار الذي حل مكان الاستقلال، لكنه في 2011 اصطف إلى جانب الأصالة والمعاصرة لمواجهة الإسلاميين، وكان التحالف فاشلا.
وقد يلجأ الإسلاميون الى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي رفض التحالف معهم، ووصف حزب العدالة والتنمية ب"الظلامية" وبانه يشكل "تهديدا للمجتمع".
لكن بعيدا عن المواقف والصراعات، قد تكون الأحزاب المغربية أكثر واقعية وبراغماتية خلال التفاوض على اقتسام الحقائب الوزارية. وبحسب المحلل السياسي محمد الطوزي في تصريح لأسبوعية "تيل كيل" الفرنسية، فإن "العدالة والتنمية في حاجة إلى التحالف مع أربعة أحزاب وكل السيناريوهات ممكنة".
واضاف "العدالة والتنمية إذا لم يتمكن من تشكيل الأغلبية في الوقت المحدد، فسيكون عليه التخلي عن هذه المهمة للحزب الذي حل ثانيا".
ويقدم الأصالة والمعاصرة نفسه على أنه "بديل موثوق" لتشكيل التحالف، بحسب موقع "لوديسك" الخاص، مستبعدا إمكانية خيار إجراء انتخابات جديدة نظرا لكلفتها الكبيرة.
ويستخلص "لوديسك" أن "الأصالة والمعاصرة بإمكانه توحيد ما يكفي من الأحزاب لتشكيل أغلبيته، لكنها لن تكون متجانسة وستتسم بالضعف أمام معارضة أكثر تجانسا يقودها العدالة والتنمية الغاضب من خطف فوزه بالانتخابات".
المصدر: أ ف ب