أوراق بنما: سوروس ضد روتشيلد؟

11.04.2016

خلال أسبوع، تابع العالم بتلهف فضائح بنما، التي كشف عنها ممثلو الاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين. الحديث بالتحديد يدور عن الوثائق التي تثبت فجور النخبة المالية في العالم، والتي تحفظ الأموال خارج بلادها. 2.6 تيرابايت من البيانات، و11,5 مليون وثيقة سرية، تسربت من شركة موساك فونسيكا البنمية، التي أخفت أموال عملائها من جميع أنحاء العالم، في حسابات خارجية.
ويقف وراء ظهور هذه المعلومات، الحكومة الأمريكية ومؤسسة سوروس، التي مولت الاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين. وعلاوة على ذلك، في وقت سابق، استخدم سوروس هذه المؤسسة لتصفية حسابات اقتصادية وسياسية مع خصومه. في هذا الوقت، النظام السياسي واضح أيضا: ضرب كل أعداء الليبرالي اليساري سورس، من فلاديمير بوتين، وحتى ديفيد كاميرون. ومع ذلك، هناك شيء واحد بقي خارج دائرة ضوء وسائل الإعلام العالمية.
الحرب القديمة مع عائلة روتشيلد
التحقيق في نشاط موساك فونسيكا، يعتبر استمرارا  لحملة مكافحة الحسابات الخارجية، التي بدأها الاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين في العام 2013. حينها، زعم بأن أشخاصا مجهولين، قدموا لجيرارد رايل، رئيس اتحاد الصحفيين المستقلين، 260 غيغابايت من المعلومات عن حسابات مصرفية في الخارج. بدأ إتحاد الصحفيين بنشر ما يسمى بـ"تسريبات الحسابات الخارجية" - معلومات عن الوف الحسابات المصرفية. كما تم الكشف عن معلومات حول شخصيات رئيسية على نطاق العالم. وتم التركيز على المعلومات عن "إمبراطورية الحسابات الخارجية" التابعة للبارون إيلي دي روتشيلد، المتوفى في ذلك الوقت، والرئيس السابق للفرع الفرنسي من المؤسسة المصرفية الشهيرة.
عشائر روتشيلد وساكسون وتيسيوني، وكذلك المصرفي المتوفي إدموند صفرا، المرتبطون بشكل وثيق مع عائلة روتشيلد، أصبحوا محور التسريبات السويسرية، التي نظمها اتحاد الصحفيين المستقلين في العام 2013. حينها، تم رفع السرية عن بيانات عدد من مكاتب المحاماة السويسرية، التي ساعدت عملاءها من كل أنحاء العالم، على نقل أموالهم إلى الخارج. تحقيق آخر لمكافحة الحسابات الخارجية أجراه "الصحفيون المستقلون"، يحمل اسم تسريبات لوكسمبورغ، كان موجها ضد بنوك لوكسمبورغ وضد حاكم بيت الدوق العظيم، المرتبط أيضا بشكل وثيق بعائلة روتشيلد. نمط مثير للاهتمام، أليس كذلك؟
أحد السياسيين العالميين المرتبطون بالفضيحة الجديدة- رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، وهو نفسه من مواليد عائلة مصرفية بريطانية مع جذور يهودية. وهو أيضا قريب من عائلة روتشيلد. الآن واحدة من الشركات المتورطة في التحقيقات، هي شركة Rothschild Trust. اتضح فيما بعد، أن شركة عائلة روتشيلد هذه، تدير أموال بعض السياسيين في الحسابات الخارجية. على سبيل المثال، فرع شركة "روتشيلد لإدارة الثروات والثقة"، تدير أموال رئيس جمهورية أوكرانيا بيترو بوروشينكو في جزر فيرجن البريطانية (الجزر العذراء).
مثال بوروشينكو واضح جدا. وهو يعرض أن الحديث لا يقتصر فقط على التهرب من الضرائب، بل هو مخطط لسيطرة جزء من قادة المال العالميين، على أموال النخب الوطنية، وبالتالي، السيطرة على النخب الوطنية. الأدلة كافية، لكنها غير مباشرة.
من ينقل المال إلى حسابات في الخارج؟
من بين أكبر عشرة بنوك، نقلت الأموال إلى الخارج من خلال شؤكة موساكا فونسيكا، حسب معلومات أوراق بنما، تتواجد شركة روتشيلد تراست غيرنسي.
دعونا نلقي نظرة فاحصة على قائمة البنوك الـ10، والتي، وفقا للمعلومات نفلت المال إلى شركات في الخارج. بالإضافة إلى روتشيلد تراست غيرنسي التي سبق ذكرها، تتواجد في القائمة شركات: Experta Corporate & Trust Services, Banque J. Safra Sarasin Luxembourg S.A, Credit Suisse Channel Islands Ltd, HSBC Private Bank (Monaco) S.A, HSBC Private Bank (Swiss) S.A., UBS AG, (Union Bank of Switzerland), Coutts & Co. Trustees (Jersey) Ltd, Societe Generale Bank & Trust Luxembourg, Landsbanki Luxembourg S.A.
ما الذي نعرفه عن كل من هذه البنوك؟
1. Experta Corporate & Trust Services - هي شركة تابعة للبنك الدولي في لوكسمبورغ، بنك بيت الدوق العظيم الحاكم لدوقية لوكسمبورغ، والذي يرتبط بشكل وثيق بعائلة روتشيلد الفرنسية.
2. Banque J. Safra Sarasin Luxembourg S.A- مملوك للعائلة المصرفية اليهودية، عائلة صفرا. المصرفيون يرتبطون ارتباطا وثيقا بعائلة روتشيلد منذ القرن الماضي.
3. Credit Suisse Channel Islands Ltd - مصرف تابع، ثاني أكبر بنك سويسري Credit Suisse.
4. HSBC Private Bank (Monaco) S.A, HSBC Private Bank (Swiss) - البنك التابع لـ"إتش إس بي سي"، البنك البريطاني تأسس في منتصف القرن التاسع عشر. ومنذ ذلك الوقت هو شريك لروتشيلد. وتأسست كمخزن لأموال بيع الأفيون في الصين. وهو ضمن London Bullion Association التابع لروتشيلد، وهو يحدد السعر الدولي للذهب.
5. UBS AG, (Union Bank of Switzerland) - أكبر بنك في سويسرا.
6. Coutts & Co. Trustees (Jersey) Ltd - بنك تابع لشركة Coutts & Co، وهذا بنك مثير جدا للاهتمام. قبل عام 2015، كان ينتمي إلى للبنك الملكي الأسكتلندي، والمملوك بنسبة 79٪ لشركة UK Financial Investments، المؤسسة الاستثمارية التابعة لحكومة المملكة المتحدة. Coutts & Co - أحد أقدم البنوك في العالم، وهو بنك العائلة البريطانية المالكة.
7. Societe Generale Bank & Trust Luxembourg - مصرف تابع لشركة Societe Generale، وهو عضو في London Bullion Association الذي تسيطر عليه عائلة روتشيلد. وأحد أكبر البنوك الفرنسية، التي تأسست بمشاركة مباشرة من روتشيلد الفرنسية في القرن التاسع عشر.
8. Landsbanki Luxembourg - بنك لوكسمبورغ، وهو فرع لأقدم بنك في أيسلندا Landsbanki.
بهذا، لدينا مجموعة من البنوك، جزء منها يرتبط بعائلة روتشيلد. وعلى الأرجح، يرتبط الجزء الباقي بهذه العشيرة بشكل أو آخر. وهذه البنوك بالتحديد، نقلت عبر شركة موساك فونسيكا أموال عملائهم إلى حسابات خارجية، وفي واقع الأمر، هم سيطروا عليها.
موساك فونسيكا – قائم بأعمال عائلة روتشيلد؟
دعونا نلقي نظرة الآن على شركة موساك فونسيكا نفسها. وفقا للرواية الرسمية، هما شخصان عاديان، ومواطنان بنميان، أسسا شركة خاصة، تضم أكثر من 500 موظف، قامت بتسجيل شركات جديدة في جميع أنحاء العالم، في 40 مكتبا، ولديها شركات رئيسية بالإضافة إلى بنما، في سويسرا والصين (صدفة مفاجئة في نفس الدول تتواجد مقرات روتشيلد و البنوك السويسرية التي تتعاون معهم) وفي الصين وبريطانيا وهونغ كونغ أيضا في قائمة البلدان الأعلى بحجم الأموال التي خرجت منها (أو من خلالها) إلى شركات في الخارج. والأهم من ذلك كله، المال تم نقله الى المستعمرة البريطانية – جزر العذراء.
وبطبيعة الحال، لم يكن من الممكن لهذا الأخطبوط المالي أن يتفرع دون دعم قوي من اللاعبين الرئيسيين. وفي حين أن موساك فونسيكا يضخون المال من البنوك المرتبطة بروتشيلد، فإنه ليس من الصعب تخمين المدير الحقيقي لهذه الشركة. فمن غير المرجح أن يتم توكيل الغرباء بإدارة هذه المسألة الحساسة.
كل من مؤسسي ومالكي الشركة يرتبطان ارتباطا وثيقا بالمملكة المتحدة، أي بعائلة روتشيلد. رامون رامون فونتيكا تخرج من كلية لندن للاقتصاد، وقد عمل يورغن موساك أيضا في الأوساط المصرفية في لندن. وبالإضافة إلى ذلك، عمل موساك في Conarex، مجلس العلاقات الخارجية في بنما، المرتبط بالمعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية (عائلة روتشيلد)، والمجلس الأمريكي للعلاقات الخارجية (عائلة روكفلر).
ضد عائلة روتشيلد والصين
في أوائل عام 2014، في إطار "تسريبات الحسابات الخارجية" كشف "إتحاد المحققين الصحفيين المستقلين"عن معلومات حول إخراج أعضاء من النخبة الاقتصادية والسياسية الصينية للأموال من البلاد إلى حسابات خارجية. وفي العام 2016 استمرت "أوراق بنما" في الحرب الإعلامية ضد الصين.
بهذا "أوراق بنما" تزعم إثبات أن نقل المال إلى حسابات خارجية، يشارك به أقارب شي جين بينغ، السكرتير العام للحزب الشيوعى الصينى ورئيس الصين الحديثة. وبالإضافة إلى ذلك، يشارك أعضاء اللجنة الدائمة للحزب الشيوعي الصيني أيضا، في هذه الأنشطة.
عائلة روتشيلد تعول بالتحديد على الصين، في صراعها ضد الفصائل الأخرى من النخبة المالية العالمية. وفي أوساط محبي نظريات المؤامرة، تلقى شعبية نظرية المواجهة مع عائلة غنية أخرى في الولايات المتحدة، وهي عائلة روكفلر. العدو التقليدي لعائلة روتشيلد هي عائلة روكفلر. ونغتنم هذه الفرضية كحقيقة. لا سيما وأنه هناك سبب لذلك. فواحدة تترك الولايات المتحدة، وتتوجه إلى آسيا. والأخرى ذات الصلة ليس فقط بالأموال، ولكن أيضا بالرأسمال الصناعي، تبقى في الولايات المتحدة كحصن قوتها.
عائلة روتشيلد تشجع نوايا الصين، جعل اليوان عملة عالمية، ووفقا لخبير الاقتصاد الروسي فالنتين كاتاسونوف، هم يحثون الصين للانتقال إلى "معيار الذهب"، لأنه يسيطرون على معظم احتياطيات الذهب في العالم. بريطانيا العظمى التي تسيطر عليها عائلة روتشيلد، تتعاون بنشاط مع الصين، بصفتها عضوا في بنك استثمار البنية التحتية الآسيوية. وقرار الانضمام إلى المشروع الصيني، اتخذه البريطانيون رغم الموقف الأمريكي السلبي.
شبه التعددية القطبية لعائلة روتشيلد
وبهذا، عائلة روتشيلد تراهن على استبدال هيمنة الدولار، بالذهب الذي تسيطر عليه. وهنا نتذكر فضيحة أعضاء London Bullion Association في "أوراق بنما"، والذين يسيطرون على السعر العالمي "للمعدن الثمين". وهذا يشير إلى فكرة وجود عدة مراكز للعملات الأجنبية المستقلة، والتي تسعى للحفاظ على هيمنة للولايات المتحدة. ومن الجدير بالذكر أن "الصحفيين المستقلين" يحصلون على تمويلهم ليس فقط من سوروس، ولكن أيضا من مجموعة روكفلر. الاتحاد الدولي للمحققين الصحفيين، هو مشروع تابع للمنظمة غير الحكومية الأمريكية، "من أجل النزاهة العامة" الذي، يحصل أيضا على التمويل من صندوق الأخوة روكفلر وصندوق عائلة روكفلر.
انضمام جورج سوروس في العام 2015، للحرب ضد اليوان، يظهر انه اختار فريقه في هذا النزاع، على الرغم من أنه في وقت سابق، اعتبر من عائلة روتشيلد.
استراتيجية روتشيلد تجاه روسيا هي أيضا لا تسعى للمواجهة. فهي تحاول بنعومة ضمها إلى شباكها. على عكس سوروس، الذي يرى تهديدا في التعددية القطبية "المجتمع المفتوح"، عائلة روتشيلد، تركز على محيطها، وهم مهتمين في المشاركة الروسية في مشاريع إعادة تهيئة النظام العالمي القائم، ولهم صلات وثيقة بجزء من النخبة الروسية. وبهذه النخبة، تضرب فضيحة الملياري دولار، التي يزعم أن بوتين يمتلكها. هذا لا يعني أن عائلة روتشيلد، وأشباههم هم أنصار للعالم متعدد الأقطاب. هم يرغبون في الاستفادة من الانتقال الحتمي لنظام متعدد الأقطاب، وللحفاظ على مكانتهم وتأثيرهم الحاسم على الشؤون العالمية. هم يستشعرون أن آسيا تصعد، ويراهنون على هذا المركز الجديد للسلطة. ولكن مثل هذه "التعددية القطبية" لا تؤدي إلى سيادة المراكز الحضارية الحقيقية، حيث لا تزال السلطة الحقيقية في أيدي نخبة عالمية تتخطى الحدود الوطنية العالمية.
تحسبا للانتقام
أوراق بنما - حلقة في صراع النخبة العالمية. كل مجموعة من المجموعات ترى مستقبل العالم بشكل مختلف، وكل منها تسعى للسيطرة على العالم. السيطرة على المال، عبر "السيطرة" على الحسابات الخارجية - واحدة من آليات تفاعل مجموعات من النخب العالمية مع النخب الوطنية. وهذا هو السبب في عدم وجود أسماء الذين تعاونوا مع الفريق المنافس في الوثائق. ولهذا السبب أيضا، هناك الكثير من السياسيين من المستعمرات البريطانية السابقة أو الملكيات العربية في الشرق الأوسط التي ارتبط تاريخيا بالمملكة المتحدة وبيت روتشيلد المصرفي. المعارضين لعائلة روتشيلد، بكشفهم عن هذه الآلية، قاموا بخطوتهم، وننتظر الرد.