اسلام أوروبا.. كيف سيكون؟!
بمناسبة انتهاء الانتخابات المجرية والتى انتهت بفوز رئيس حزب "فيديسز" فيكتور اوربان (54عاما) برئاسة الوزراء لولاية ثالثة، والذى كان يشدد دوما فى حملته على أن أي هزيمة له بالانتخابات ستؤدى الى فوضى فى ملف الهجرة وانتصار لاعداء المجر الذين يريدون تجريد المجريين من بلادهم.
وقبل تصريحات رئيس الوزراء والمعارض الليبرالي الذى تحول الى بطل يميني فيكتور اوربان، كان الرئيس المجري يانوش لازار يعزف على نفس الوتر، بعد أن صرح بداية مارس الماضي، قائلا "أنّ العاصمة النمساوية فيينا أصبحت مكاناً سيئاً بسبب المهاجرين والأجانب"، وهو الأمر الذي تسبب فى ردود فعل غاضبة من قبل السياسيين النمساويين وعلى رأسهم رئيس الوزراء الشاب سباستيان كورز.
وهنا كان علينا القاء الضوء ليس على الانتخابات المجرية ومجرياتها، فكل ما جاء بها وبعدها متوقع ولم يحدث شئ خارج النص، ولكن عن ما كان يقال داخل اروقة البرلمان المجري بالاسابيع الماضية، والتى تعكس لنا حقيقة الوضع الاوروبي الحالي وكم التحديات والتهديدات التى تواجه القارة العجوز، أوروبا التى تتعرض للضغوط من كل ما حولها بداية من صديقة الامس بريطانيا التى خرجت من الاتحاد الاوروبي، مرورا بالولايات المتحدة الامريكية التى تنقض على مصالح اوروبا بالشرق الاوسط كماء تشاء وتدفع بها للصدام كما تشاء ايضا، ثم روسيا التى تلوي ذراعها بالغاز، وصولا لتركيا التى تتعامل مع الارهابيين بمعسكراتها بشرق تركيا وورقة المهاجرين على انهم القوى الانكشارية التى ستمد نفوذ الامبراطورية العثمانية الجديدة لما هو ابعد من اسطنبول وازمير.
فهذا البلد العريق الذى يقع وسط اوروبا، صرح منذ اسابيع قليلة رئيس برلمانه لاسلو كوفير خلال كلمته التى ألقاها بمنتدى سوبرون (مدينة غرب المجر)، قائلا: "إن 500 كنيسة أغلقت أبوابها في العاصمة لندن منذ عام 2001 مقابل بناء 423 مسجدا جديدا في المدينة، وأنّ عدد المسلمين والمسيحيين المؤدين للصلوات في لندن سيبلغ ما بين 800 الى900 ألف شخص، ولكن سيكون أعمار 50 بالمئة من المصلين المسيحيين أكثر من 65 عاما، بينما 50 بالمئة من المصلين المسلمين أقل من 25 عاما، وان كانت التركيبة السكانية والثقافية للمملكة المتحدة أصبحت على هذا الشكل، فالسؤال لنا الان، هل تريد المجر ان تكون على نفس الشكل أيضا أم تتجنب حدوث مثل هذا الوضع".
وهنا قد جائت رؤية رئيس البرلمان المجري لشكل القارة العجوز جراء تدفق موجات اللاجئين العرب والمسلمون لاوروبا بسبب الحروب بالمنطقة كرؤية رئيس الوزراء فيكتور أوربان، الذى قال: "أنّ معظم اللاجئين في أوروبا قادمون من الدول الإسلامية، وفي حال استمرار الوضع على هذا الحال سيكون سكان كبرى المدن الأوروبية من المسلمين".
وأذا كان ذلك هو وضع اوروبا وذلك هو السؤال الى طرحه رئيس برلمان المجر على شعبه وتلك الرؤية التى بعقل رئيس الوزراء، فالان السؤال الذى نطرحه امامكم وهو ما يخصنا، أي أسلام حينها هو الذى سيكون فى اوروبا؟.
أي أسلام؟ فى ظل توغل الاخوان المسلمون وسيطرتهم على أغلب المؤسسات الاسلامية بأوروبا تقريبا ان لم يكن جميعها، فالنمسا وزيورخ وروما وباريس ومن قبلهم لندن باتت أكثر أمنا وهدوء لقيادات وعناصر جماعة الاخوان المسلمون من اسطنبول والدوحة والخرطوم، وهذا أمر منذ عقود وليس اليوم، حتى صارت اوروبا الان بين كماشة الاسلام السياسي فمن جهة الشمال غرب ستجد الصانعة والحاضنة لتيار الاخوان المسلمون الا وهي بريطانيا، ومن جهة الجنوب شرق تركيا التى يتزعمها حزب العدالة والتنمية الاخواني، والتى يبلغ تعداد سكانها اكثر من 80 مليون مسلم نصفهم تقريبا موالي للحزب الحاكم وللتيار القومي (الموالي أيضا لحزب العدالة والتنمية) وترغب فى الانضمام للاتحاد الاوروبي.
فلندن عاصمة وصانعة الاسلام السياسي ومن اصدرت شهادة ميلاده حاضرة فى مشهد التحول الديموغرافي فى اوروبا بشكل اساسي، وحقيقة الامر بريطانيا ليست خاسرة او حزينة جراء ما يحدث لاوروبا، وما يصيب اكبر أمتين بالقارة العجوز فرنسا والمانيا (أكثر المتضررين من ملف اللاجئين)، ولنا فى كم العمليات الارهابية الضخم التى شهدتها فرنسا والمانيا دون غيرها من دول العالم عبرة، برغم أنه كان يفترض أن تكون بريطانيا هي صاحبة نصيب الاسد من العمليات الارهابية التى شهدتها اوروبا، بحكم دورها الفج فى غزو العراق 2003 والحرب على سوريا وليبيا واليمن.
وهذا امر لم يكن مفاجئ للدولة العميقة بباريس ولكن هو ما رغبت فيه الحكومة العالمية، ونتذكر حديث رئيس اركان فرنسا الاسبق إدوار جيو ببدايات 2012 لمجلة "لوبوان"، عندما سئل عن ما الخطر الذى يهدد مستقبل القارة الاوروبية، فقال: "أن الجهاديين والتكفيريين الذين يتم تدريبهم بمعسكرات شرق تركيا، بعد انتهاء مهمتهم فى الشرق الاوسط سيزحفون علينا عاجلا أم اجلا".
وما يعزز رؤيتنا ويصدق على كلامنا، دور الحزب الاسلامي فى بلجيكا (مقر الاتحاد الاوروبي) أحد متصدري الساحة السياسية البلجيكية، وسعيه لترشيح مندوبين عنه في انتخابات هيئات السلطة المحلية المقررة فى أكتوبر القادم، بعد ان قرر الحزب ترشيح أعضاؤه على 28 بلدية في بلجيكا، وهو الحزب الذى بدأ يروج لاولى مشاريعه الا وهو مشروع حافلات ركاب للنساء فقط.
خلاصة القول الاسلام السياسي الذى زرعت بذوره بريطانيا فى الشرق الاوسط وصلت فروعه الان الى اقاصي اوروبا، وفى ظل امواج الهجرة من بلادنا الغير متوقف للقارة العجوز، وتأثر مسلمي اوروبا الذين ولدوا وعاشوا فى المجتمع الاوروبي المتحضر بالفكر الداعشي (حسب تقارير تلك الدول)، حتى رأينا قيادات لداعش فى سوريا والعراق من اصول وجنسيات اوروبية، السؤال بات واضحا، كيف سيكون شكل الاسلام الذى يتمدد بالقارة العجوز؟.