قمة العشرين.. السياسة تغلب الاقتصاد

05.09.2016

رُغم أن قمة العشرين التي تُعقد بمدينة هانغو في الصين، اقتصادية في الصميم، إلا أن المضمون السياسي بين الدول المشاركة غلب عليها، ولكن في ضوء تحديات عديدة سوف يكون من المهم بالنسبة لبكين استبعاد محاولات جرّ القمة لمناقشة قضايا بمنطق الجدل البيزنطي.
وإذا كان الفشل الذي حققته سياسات التحفيز النقدي الدولي في دفع عجلة الاقتصادات العالمية للنمو وخلق فرص جديدة لكبح جماح معدلات البطالة المرتفعة والتي تهدّد الاستقرار العالمي بالمجمل، فإن الفشل السياسي في معالجة الأزمات الدولية وسبل حلّها، كثيرة، وأهمها الأزمة السورية، وأزمة شبه الجزيرة الكورية، وأزمة بحر الصين الشرقي، والأزمة الأوكرانية. ويبقى أن أزمة الإرهاب العالمي سيكون لها نصيب الأسد من النقاش، بخاصة بعد انتقاله من مرحلة وسمهم بـ «الجهاديين» و«الثوار» في سورية، إلى كونهم إرهابيين في الغرب، وهو ما يطرح السؤال عن الازدواجية المتبعة في العقل الغربي الجهنمي؟
ومن المفيد هنا معرفة الأسئلة التي يطرحها المراقبون خلال هذه القمة، وهي: هل انهار نظام «بريتون وودز» وما أنتجه من ترتيبات مؤسسية على الصعيد الاقتصادي؟ وهل يشهد العالم نظاماً اقتصادياً جديداً تلعب فيه الاقتصادات الناشئة كالصين والهند والبرازيل الدور الأكبر و«البريكس»؟ وهل تبدأ حقبة جديدة من العلاقات الدولية تكون الصدارة فيها للقضايا الاقتصادية على حساب القضايا الأمنية والعسكرية التي تصدّرت اهتمام العالم طيلة السنوات القليلة الماضية؟ وهل ثمة انعكاسات سياسية لبروز الدور الاقتصادي لهذه الدول الصاعدة؟ وهل سيتغيّر نمط العلاقة بين الشمال والجنوب، بحيث يصبح للجنوب صوتٌ مسموعٌ في صياغة السياسات العالمية؟
من المؤكد في ضوء هذا الخراب الاقتصادي العالمي أن يعمل القيصر فلاديمير بوتين على أساس أن قواعد النظام العالمي الجديد ستخرج من سورية.. أي من مستنقعات الدم، ومن المقابر، ومن المدن الميتة، ومن القرى التي غابت فيها الشمس، ولكن مَن سيستطيع أن يتكهّن بالعالم الذي ينتظرنا لكي نتحدث عن القواعد، والمعايير، والقيم، فهل نحن ذاهبون الى عالم آخر كما قيل، بحيث يتغير فيها شكل وجوهنا، وشكل أدمغتنا.. وحتى أرواحنا؟
قمة العشرين في هانغو الصينية ستكون فرصة أخيرة لتسوية الأزمات بين الروس والأميركيين وحلفائهم، وهنا يأتي السؤال المفصل ماذا ستقدّم القمة هذه، وهي إذ تُعقد وسط ملفات ساخنة بدأتها روسيا والصين بدخولهما الميدان السوري وبقوة، وأنهتاها بتأسيس فضاءات «البريكس» و«شنغهاي» وتوسيعها؟
وهل ستشهد القمة قرارات جديدة تطال رؤوساً داعمة للإرهاب الذي تجاوز حدود العالم العربي وضرب القارة العجوز؟
لا مكان في قمة العشرين «الصينية» لجون ماينارد كينز، ولا لآدم سميث، ولا لميلتون فريدمان، ولا حتى لكارل ماركس وأنطون سعاده بطبيعة الحال.. الاقتصاد في العالم، مثل السياسة تماماً، من اختراعات العزيز على قلوب الطغاة دراكولا!

يومية البناء