إنتبهوا... الحاخام وراء الباب

02.01.2017

هل كنا ننتظر من ناعوم تشومسكي ان يقول لنا «انتبهوا، الحاخام وراء الباب»!
المفكر الاميركي لا ينفي ان يكون القيصر على شيء من «الجنون الجيوستراتيجي»، لكنه هناك على الارض السورية، ولن يتزحزح قيد انملة بعدما تكون امامه التقارير الاستخباراتية التي تقول ان الظواهر الايديولوجية في القوقاز، وفي آسيا الوسطى، بمثابة «كعب أخيل» او «حصان طروادة» داخل روسيا المقدسة.
اذاً، كيف يتعاطى الحاخام مع القيصر؟ لسنا من السذاجة الى حد القول ان بنيامين نتنياهو يراهن فقط على ان تتحول سوريا الى أرض يباب، هو يريد لها ان تتمزق إرباً إرباً، دويلات طائفية او إتنية هجينة، وتدور حول هيكل سليمان.
لا بل ان فكرة الفيلسوف الفرنسي برنار - هنري ليفي اخذته الى الداخل السوري، وتحديداً الى منطقة الحدود مع الاردن لنقل عرب الضفة، وربما عرب القدس ايضاً، الى دولة فلسطينية هناك، على ان يجمع اتحاد فديرالي بين هذه الدولة والاردن.
وبحسب ليفي فان البلاط الاردني، ومنذ الملك عبدالله الأول ولقاءاته مع غولدامئير، وهي تستنكر بزي رجل، على قناعة تامة بأن بقاءه رهن بالعلاقات الاستراتيجية مع اسرائيل، كما ان نتنياهو يخشى الدولة الفلسطينية ولو كانت على سطح المريخ اذا لم يكن هناك المايسترو الذي يقنع الفلسطينيين، بالحجة او بالعصا، بالبقاء داخل الثلاجة.
لا نتصور، في اي حال، بأن نتنياهو الذي لعب استخباراتياً مع تركيا ومع الاردن كما مع دول عربية أخرى، سيقبل بأي تسوية في سوريا ما لم تكن تل ابيب شريكاً اساسياً في هذه التسوية.
وحين تفتح الملفات في ردهة المفاوضات او بالاحرى حين تبحث في الغرف المقفلة المسارات السورية في المستقبل، لا بد للمفاوض السوري، وهو في موقع القوة، ان يضع امام الكثيرين المعلومات الهائلة التي في حوزته حول العلاقات العنكبوتية بين فصائل معارضة واسرائيل.
هذه العلاقات لا تقتصر على «جبهة النصرة» (فتح الشام حاليا)، بل ان لقاءات حدثت مع فصائل على علاقة وثيقة بأنقرة التي اضطلعت بدور بارز في فتح القنوات مع اسرائيل، وثمة حديث الآن يمكن وصفه بالموثوق حول لقاءات تركية - اسرائيلية سرية قبل ثلاثية موسكو، وايضاً عشية الاجتماع في كازخستان.
رجب طيب اردوغان له شروطه حول التسوية. اذا خرج خاوي الوفاض فان «ذئاب الداخل» في انتظاره، هذا لم يمنعه من ان يأمر المعارضة او المعارضات السورية بأصابعه الخمسة بالانتقال من الخندق الى الطاولة.
امام قيادات معارضة اعترف بأن العرب تعاموا قبلياً مع أزمة هي في صميم لعبة الامم، وان من مصلحة هذه القيادات الانخراط في العملية السياسية ولو احتاجت التسوية الى عشر سنوات، هذا افضل بكثير من حرب المائة عام.
وتنقل احدى تلك القيادات ان اردوغان قال بالحرف الواحد انه لم يكن يتوقع البتة «الاقتحام الروسي» و«التقهقر الاميركي»، وان كان يستدرك متهماً واشنطن بأنها تريد «تحويلنا جميعاً الى حطام».
ولهذا ذهبت معركة حلب الى حيثما ذهبت، كما ان القيادات المعارضة اخذت علماً بأن ادارة دونالد ترامب ستكون اكثر سوءاً بكثير في التعاطي مع الأزمة في سوريا. ومن الأفضل التفاهم مع فلاديمير بوتين لأنه هو من يمسك بالزمام الآن.
لا يبرئ الرئيس التركي اللاعبين العرب من تشتيت المعارضة السورية، وهذا في رأيه احدث خللاً بنيوياً، واستراتيجياً، في رؤية المعارضة للمسار الذي يفترض ان تأخذه الأشياء لزعزعة النظام او لتقويضه.
الكرملين يقول بالفديرالية او الكونفديرالية في سوريا. هذا يثير هلع اردوغان، ماذا عن الاقليم الكردي؟ أجوبة كثيرة على كل الأسئلة التي طرحت او ستطرح على القيصر..