موقف بارز عن الحرب السورية لمرشح الرئاسة الفرنسية

01.01.2017

يبرز اسم مرشح اليساري، جان لوك ملنشون، لرئاسة الجمهورية، ثالثا في استطلاعات الرأي، ليتبيّن بذلك أن ملنشون المرشح منذ شهر شباط الماضي يعمل جدياً لرفع مستوى قبوله لدى الناخبين مع المحافظة على أفكار يسارية في برنامجه الانتخابي.

بدأ ملنشون المولود في مدينة طنجة المغربية عام 1951 المشاركة في السياسة، منذ أن كان طالباً في الثانوية عام 1968، عندما شارك في التظاهرات الطلابية. خطوته الأولى تلك نمت ليتحول ملنشون التروتسكي في ما بعد إلى اشتراكي متحمّس في عهد فرنسوا ميتيران، متسلماً منذ عام 1976 بعض المناصب المحلية. واستمر صعوده السياسي في الثمانينيات ليتسلم رئاسة بلدية منطقة إيسون، ثم ليصبح حاكماً للمنطقة، قبل أن يدخل مجلس الشيوخ عام 2004 بعدما تسلّم لعامين وزارة التعليم المهني. ثم انتخب نائباً أوروبياً في عام 2009 ولمرة ثانية في 2014، ما يجعله ينتمي إلى صلب النخبة السياسية الفرنسية.

يمتاز ملنشون بموقفه من الحرب السورية عن غيره من المرشحين. ففي أحد تصريحاته منذ نحو شهرين، أثار الكثير من الغضب الإعلامي بقوله إنه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لأنه يريد القضاء على «داعش».

لم يتراجع ملنشون عن رأيه المغاير لآراء زملائه السابقين في الحزب الاشتراكي ومعظم السياسيين، فقد تجرأ على انتقاد التدخل العسكري الخارجي لبلاده وموقفها من سوريا. في آخر نشرة أسبوعية له، انتقد وصف منافسيه والإعلام له بأنه مع التدمير، موضحاً رأيه من معركة حلب بالقول إن «الضحية الأولى للحرب هي الحقيقة». وأبدى استغرابه من انتقائية منتقديه الذين «يستنكرون قصف حلب ويصمتون عن قصف الموصل... كذلك في اليمن، من جهتي كل هذا القصف يحزنني».

نظرته إلى الحرب في سوريا وما «يحصل في الموصل وفي حلب وفي اليمن وعلى الحدود التركية»، أنها «مخطط واحد (أدّى) إلى تضارب قوى إقليمية تريد تقاسم النفوذ وأخذ قطعة من الأرض السورية أو تريد ضمان المرور إلى موارد الطاقة وخطوط الغاز والنفط ولا شيء غير هذا. هذه ليست حرباً دينية، بل حرب مصالح، وبنظري، إن كل من يحاولون تشويه صورة تلك المنطقة، لا يقومون بخدمة لأحد حتى لأنفسهم، لأن التاريخ سيظهر كم كانوا كاذبين». واستعاد ملنشون التضليل الإعلامي الذي حصل قبل حرب العراق، قائلاً إن ما يحصل اليوم يذكر بتلك «المرحلة التي كنا فيها محاطين بشهادات كان يراد منها إقناعنا بوجود أسلحة دمار شامل في العراق... قبل أن نلحظ أن من يخبرنا ذلك هي ابنة سفير السعودية، وأن ما تخبره لم يحصل قَطّ».
يكمل قائلاً إن «القصف في حلب... هو مواجهة بين جيشين وليس مواجهة بين جيش ومدنيين. وما نصفه بأنهم ثوار هم في الواقع مقاتلون في جيش إسلامي، يستهدف بدوره حلب الغربية كل يوم، حيث منطقة سيطرة الحكومة. أنا أقول هذا فقط لأبين الحقيقة، وأقول ما يجب أن تكون عليه وجهة نظرنا كفرنسيين، وما يصب في مصلحة فرنسا».
وبالنسبة إلى ملنشون، فإن الحل لما يحصل في الشرق الأوسط ومن أجل الوصول إلى «السلام» الذي هو في مصلحة فرنسا، تأسيس تحالف عالمي ضد «داعش»، «هذا إذا ما كنا صادقين فعلاً في رغبتنا بمحاربة داعش». ولا يفرق ملنشون بين «داعش» والفصائل الأخرى «من نفس النوع»، خصوصاً «جيوش القاعدة الموجودة في شرق حلب، المسؤولة مباشرة عن عمليات القتل والموت التي حصلت هنا في فرنسا». وبرأيه، إن التحالف العالمي الجدي ينجح عندما يجمع كل من شاركوا في هذه الحرب على طاولة واحدة، وهذا يعني أولاً، «عدم تقطيع أوصال سوريا، أولاً مسألة الجولان الذي لا يجب طرح احتمال فصله عن سوريا، ولا المناطق المحاذية لتركيا لوضعها تحت السيطرة التركية، الأمر عينه في العراق، لا يجب أن تطرح مسألة وضع كردستان تحت السيطرة التركية».
لكن المفارقة هنا أن ملنشون يميز بين تدخل «حلف شمال الأطلسي» العسكري وتدخل الأمم المتحدة، وقد أوضح ذلك بدعمه للتدخل العسكري في ليبيا عام 2011 في عهد الرئيس اليميني نيكولا ساركوزي، متحدثاً حينها عن ضرورة «ردع المستبد (معمر القذافي) لكي لا يردع الحركة الثورية». ورأى أيضاً أن سياسة ساركوزي تجاه ليبيا تتوافق مع المصلحة الفرنسية التي تستدعي ارتباط فرنسا بالعالم المغربي، ولا مستقبل لهذا الارتباط إذا عارضت فرنسا «الشعور الطاغي عند الشعوب، أي الحرية والتخلص من الاستبداد»، وفق ما قال في مقابلة مع صحيفة «لبيراسيون» في آذار 2011.

المصدر: الأخبار اللبنانية