"ليلى الغزّاوية" تتعثّر قبل الوصول إلى متجر "أبل"
قبل أيام، منعت شركة "أبل" لعبة "ليلى وظلال الحرب" من الوصول إلى متجرها الخاص بالهواتف الذكية. حجة الشركة كانت أنّ التطبيق يحوي مضموناً سياسياً ينفي عنه صفة «اللعبة».
تدور أحداث اللعبة، من تصميم وتطوير الفلسطيني رشيد أبو عيدة، في قطاع غزة المحاصر. لتحقيق الفوز في "ليلى وظلال الحرب" على اللاعب مساعدة عائلة فلسطينية لتصل إلى برّ الأمان. خلال عملية الإنقاذ، على اللاعب تجنّب القنابل، والطيارات بدون طيّار، وشتى أنواع المخاطر التي قد تظهر في طريقه. هذا ويطلب منه أيضاً حلّ بعض الأحجيات، وإظهار براعة في التأقلم مع البيئة الخطرة والمتغيرة من حوله.
في ما يتعلق بالشكل، يطغى الأسود والرمادي على فضاء اللعبة. فالأحداث تجري في الليل المعتم للقطاع المحاصر، وقد يتخلل المشهد بعض الأضواء البعيدة أو الشرارات التي تخلّفها الانفجارات وألسنة النار. وهي مشهديّة لا تبتعد عن مأساة قطاع غزّة.
وبالرغم من أن شركة "أبل" لم تحظر في البداية اللعبة كليا، إلا أنها رفضت في رسالة وجهتها إلى المصمم رشيد أبو عيدة، تصنيف التطبيق كلعبة واقترحت إعادة تصنيفه كتطبيق للأخبار.
نشر أبو عيدة ردّ الشركة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، محاولاً حشد رأي المهتمين بالموضوع. واعتبر المطوّر الحائز جائزة "التميُّز الرسوميّ" من Reboot Develop، أنّ لعبته تحمل رسالةً إنسانية سامية تستحق الدفاع عنها.
قرار "أبل" ليس الأول من نوعه، فسبق أن أزالت لعبة "احتجاز اسحق" من متجر الألعاب في أنظمة "آي أو إس"، وهي لعبة تسخر ضمنياً من قصة النبي ابراهيم الذي يطلب منه الله التضحية بابنه (راجع "السفير" 2016-02-09). لكنها في المقابل، لم تفكّر مثلاً في منع لعبة "أبطال إسرائيل" التي تدور أحداثها في تل أبيب وتمجّد بطولات الإسرائيليين على الجانب الآخر من فلسطين المحتلة.
من الواضح أن "أبل" تمتلك ذرائع جاهزة تستخدمها لتبرير سياستها الازدواجية في ما يتعلق بالترويج لألعاب أو تطبيقات محددة. فالشركة لا تعترض على المضامين السياسية للألعاب عامة، لكنّها تنزعج فقط من المسّ بصورة "إسرائيل"، ولا تستسيغ تعاطف روّاد الألعاب مع "ليلى" الصغيرة وعائلتها في قطاع غزّة المحاصر.
بعد أخذٍ وردّ، استجابت شركة ستيف جوبز للضغط، فأعادت النظر بقرارها وسمحت بنشر اللعبة. قوبل الخبر بالتهليل من قبل بعض المبرمجين ومطوّري الألعاب العرب باعتباره انتصاراً للعبة ورسالتها. لكن هل حقاً يعد الأمر انتصاراً؟ أم أن الشركة اختارت فقط أن تبدو أكثر ديموقراطية وأقل تحيّزاً؟
يبدو أن الحروب الثقافية تنتقل إلى ساحات وفضاءات جديدة، لها قواعدها وجمهورها المحدد. في السابق، لم يكن الحديث عن ألعاب الكومبيوتر يتعدى النقاش حول آثارها السلبية في تكريس العنف لدى المراهقين والشباب. لكن الألعاب باتت اليوم إحدى أدوات الاختراق الثقافي، خصوصًا عندما تتعاون أهمّ وكالات الاستخبارات العالمية مع صنّاع ومبرمجي الألعاب للترويج لسياساتها، أو تطوير القدرات العسكرية والاستخباراتية لمقاتليها الحاليين والمحتملين.
جريدة "السفير"