"جيش التحرير" المدعوم أميركياً يرضخ لإشراف "جبهة النصرة"
وافق «جيش التحرير» المدعوم أميركياً على الخضوع في عمله لإشراف «جبهة النصرة» المصنفة على قائمة الإرهاب الدولي، وذلك باتفاق وقعه الطرفان، أمس، لإنهاء الخلاف بينهما، في الوقت الذي تُكّرر فيه موسكو مطالبتها واشنطن بالالتزام بتعهداتها بخصوص عزل «الفصائل المعتدلة» عن «جبهة النصرة».
ويُعّد «جيش التحرير» من أبرز الفصائل المدعومة أميركياً، ويحصل على رواتبه وتموينه وتسليحه من «غرفة عمليات الموم» التي تشرف عليها أجهزة استخبارات عدة، على رأسها الأميركية، وتتخذ من مدينة أنطاكيا التركية مقراً لها.
وقد وقّع قائد «جيش التحرير» محمد الغابي مع ممثل «جبهة النصرة» أبي الحسن التفتنازي على وثيقة اتفاق لحل الخلاف بينهما. إلا أن الوثيقة التي اطلعت عليها «السفير»، تعتبر بمثابة عقد إذعان من قبل «جيش التحرير»، وليس اتفاقاً بين طرفين متساويين، وهو ما يؤكد أن «النصرة» تتبع في تصفية خصومها أسلوبَين مختلفَين، الأول هو التصفية العسكرية كما حصل مع أكثر من 15 فصيلاً خلال العامين الماضيين، أبرزها «حركة حزم» و «جبهة ثوار سوريا»، والثانية التصفية المعنوية، عبر إجبار الفصيل على الرضوخ لها والاذعان لطلباتها.
فقد تعهد محمد الغابي باعتباره قائد «جيش التحرير» بـ«عدم المشاركة في أي مشروع يُضّر بالمجاهدين، وأن يلتزم الضوابط الشرعية في وجوده وقتاله وحركته في ساحة الشام» مع قبوله أن يكون «تحت المساءلة وفق إجراءات اتفق عليها بين الطرفين». وهذا يعني أن «جيش التحرير وافق مُذعِناً على أن يكون تحت مراقبة وإشراف «جبهة النصرة» في كل حركاته وسكناته، وأن يخضع للمساءلة في حال ارتكب أي خرق للضوابط الشرعية، وبالتأكيد فإن «جبهة النصرة» هي من ستتولى مساءلته. في المقابل، كان الالتزام الوحيد على عاتق «جبهة النصرة» هو «الحفاظ على علاقة طيبة مع جيش التحرير طالما أنه ملتزم بالبند السابق».
وكانت «جبهة النصرة» قد اعتقلت قائد «جيش التحرير» محمد الغابي مطلع الشهر الحالي بناءً على قرار صادر عن جهازها الأمني. وقد أثار هذا الاعتقال موجةً من الاستياء طالت حتى بعض قادة الفصائل و«الشرعيين» العاملين ضمن فصائل إسلامية متشددة. وأصدرت مجموعة من هؤلاء بياناً حاداً أمهل «جبهة النصرة» 24 ساعة للموافقة على تشكيل «محكمة» خاصة لحل قضية الخلاف بينها وبين «جيش التحرير». إلا أن «جبهة النصرة» التي تجاهلت المهلة مبدئياً، أفرجت عن الغابي لاحقاً، لكنها استتبعت ذلك بإصدار بيان من أجل توضيح ملابسات توقيفه والتعقيب على بيان المهلة.
وقد أكد بيان «النصرة» أن أولوياتها هي «محاربة المشاريع المشبوهة وقطع الأذرع التي يسعى العدو من خلالها لسرقة ثمار جهاد المجاهدين». ولأن هذا التعميم يطال جميع الفصائل بسبب ارتباطها بالخارج وتلقيها الدعم من بعض الدول، فقد لجأ البيان إلى التخصيص بالقول إنه «لا نقصد كل من يتلقى الدعم متأولاً، بل نقصد من تحوَّلَ مشروعُه من كونه ثائراً أو مجاهداً إلى كونه عميلاً تابعاً لأميركا». وفي خطوة تظهر مدى هيمنة «جبهة النصرة»، شدد البيان على أن محمد الغابي «يبقى مطلوباً للقضاء الشرعي لديها».
وقد تشكل «جيش التحرير» أواخر العام الماضي من اتحاد مجموعة من الفصائل، أهمها «جبهة شام» التي كان يقودها محمد الغابي و«الفرقة 46» و«الفرقة 312» و«تجمع سرايا الحق 314». ولكن الأهم أن هذا التشكيل كان الواجهة لتجميع عناصر الفصائل المدعومة أميركياً، والتي قامت «جبهة النصرة» بتصفيتها في وقت سابق، حيث انضمت إليه غالبية عناصر «الفرقة 30» وعناصر تنظيم «ألوية الأنصار» الذي كان يقوده مثقال عبدالله، وعناصر أخرى من باقي الفصائل.
جريدة "السفير"