حشد عسكري روسي في المتوسط.. وإسرائيل تعض أصابعها خوفا

22.10.2016

يبرز مؤخرا التخوف والتضايق الإسرائيلي من الوجود العسكري الروسي في سوريا والبحر المتوسط، إذ بدأ الحديث في الأوساط السياسية والعسكرية العبرية عن أخطاره. وبالإضافة إلى القلق من حقيقة أن الوجود الروسي يقوي من شوكة الحكومة السورية وإيران و"حزب الله"، يتزايد الخوف من أثر هذا الوجود على هامش حركة الطيران الإسرائيلي. ويرى عسكريون أن وجود حاملة الطائرات الروسية، الأدميرال "كوزنتسوف"، ونشر صواريخ "إس 300" و"إس 400" يفرض نظاماً إقليمياً جديداً في المنطقة.

وحذر خبراء عسكريون إسرائيليون من أن وصول حاملة الطائرات إلى البحر المتوسط، سيُؤثّر بشكل كبير على نشاط سلاح الجو في دولة الإحتلال. في حين أشار ضباط كبار إلى أن وجود حاملة الطائرات الروسية كجزء من أسطول بحري كبير متوجّه إلى المنطقة، سيفرض قيوداً على النشاطات السريّة والعلنية الإسرائيلية ضدّ كل من سوريا ولبنان.

ومن المتوقع أن تصل "الأدميرال كوزنتسوف" إلى السواحل السورية خلال أسبوع، وعند وصولها ستتضرّر بشكل كبير عملية تشغيل منظومة الطائرات الإسرائيلية من دون طيار، وكذلك مروحيات الدورية البحرية. والحاملة، بالإضافة إلى قطع بحرية ستُرافقها، ستشرع بتنظيم دوريات بحريّة وجويّة، وكذلك تشغيل رادارات مُتطوّرة وأجهزة حرب الكترونية. وكل هذه الفعاليات ستُحسّن بشكل كبير من أداء القوات الروسية وقدرتها على اكتشاف وتشخيص كل الأهداف البحريّة والجويّة. ومعروف أن حاملة الطائرات الروسية هذه يبلغ طولها 300 متر وعرضها 70 متراً، وهي تحمل عشرات الطائرات الحربية والمروحيات وطاقماً يحوي ألفي جندي وضابط.

وكانت إسرائيل قد تفاخرت قبل أشهر بنجاحها في التوصّل إلى اتفاق مع روسيا حول آلية لتنسيق الطلعات الجوية بغرض منع التصادم بين سلاحي الجو في الدولتين فوق سوريا. وحسب التقديرات الإسرائيلية، فإن آلية التنسيق هذه، أفلحت في البداية في تأكيد ذاتها، ولكن التعاون بدأ في التراجع بعدما رسّخت روسيا وقوفها إلى جانب دمشق. وأشارت تقارير إلى أن روسيا عزّزت منظومة الدفاع الجوي السورية ما قاد قبل شهر إلى استخدام هذه المنظومة في التصدّي للطائرات الإسرائيلية.

وأوضحت مصادر إسرائيلية أن هناك إشارات مُتعدّدة لتراخي التنسيق بين إسرائيل وروسيا في سوريا. وأول هذه الإشارات، تغلغل طائرة روسية من دون طيار في أجواء الجولان السوري المحتلّ، وبعد ذلك جاء تصدّي الصواريخ السورية للطائرات الإسرائيلية. وبسبب محاولة سوريا التصدّي للطائرات الإسرائيلية، فهمت قيادة الجيش الإسرائيلي أن الوضع في المجال الجوي السوري تغيّر، وأن الجيش السوري يستعيد ثقته بالنفس في ظل الدعم الروسي.

وكما تدور توقعات في إسرائيل بأن الأجواء سوف تحتدم عالمياً بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية. وعلى الرغم من أن روسيا لا تُبدي عداء مُحدّداً لإسرائيل، إلا أنها تعتبرها ممثل أميركا في المنطقة، ما يستدعي من الجيش الإسرائيلي قدراً أكبر من الاتزان في التعاطي مع الظروف الجديدة. وتعتقد جهات إسرائيلية أن وجود أفيغدور ليبرمان في وزارة الدفاع يُسهّل العلاقات الإسرائيلية ـ الروسية، ويمنع تفاقمها الميداني بسبب علاقاته الروسية ونظرته الاستراتيجية.

من جانبه، أوضح المُعلّق العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هارئيل، أن ما كشفت عنه خريطة نشرتها صحيفة "واشنطن بوست"، أخيراً، حول استكمال روسيا تعزيزها لدفاعاتها الجوية بمنظومات "إس 300" و"إس 400"، يعني أن منظوماتها تُغطّي أجواء لبنان وجزءاً كبيراً من الأراضي التركية والأردن وشرق حوض المتوسط إلى ما وراء قبرص وصولاً إلى النقب الشمالي في فلسطين المحتلة.

وبرأيه، يجد "البنتاغون" يجد صعوبة في التوقّع ما إذا كان يُمكن دخول الطائرات والصواريخ إلى مجال الاسقاط. يُمكن القول إن الأميركيين طوّروا قدرة تكنولوجية تُمكّنهم من تشويش الأمر. ولكن "واشنطن بوست" تقول إن الأجهزة الروسية تُقيّد قدرة القصف من الجو للأهداف العسكرية للنظام السوري.

ويرى هارئيل أن للتعزيزات الروسية تأثر على اسرائيل أيضاً، حيث أنه حسب وسائل الاعلام الأجنبية، قامت اسرائيل بالقصف الجوي مرّات كثيرة تجاه قوافل السلاح من سوريا لـ"حزب الله". وحسب الخريطة، فإن الطائرات الاسرائيلية لا يُمكنها الإقلاع من موقع "تل نوف" بالقرب من "رحوبوت" من دون أن تُلاحظها الرادارات الروسية. ومنذ تدمير الصواريخ السورية المُضادّة للطائرات في العام 1982، يحظى سلاح الجو الاسرائيلي بالتفوّق الجوّي المُطلق، وكذلك حرية العمل المُطلقة في الساحة الشمالية. وقد انتهت هذه القصة في اللحظة التي قرّرت فيها موسكو تعزيز دفاعاتها الجوية في منطقة طرطوس.

قيّد الروس، من دون جهد تقريباً، سلاح الجو الأقوى في الشرق الاوسط. وهذا التقييد ليس عسكرياً فقط، بل سياسي أيضاً. أقامت اسرائيل وروسيا أجهزة تنسيق مُشتركة من أجل عدم حصول صدام جوي بينهما، والتقى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أربع مرات بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث كانت النيّة المُعلنة هي منع الصدام في سماء سوريا. وقد تبنّى نتنياهو من دون وجود خيار آخر، الإرادة الروسية. ولكن فعلياً، هذا الأمر يذكر بالمثل القائل "مجبر أخاك لا بطل"، فهذا التقرّب مفروض، واضطرت اسرائيل للموافقة عليه منذ قرّر الدب الروسي تعريف حدود مخالبه.