توتر بين تركيا والفاتيكان واستدعاء سفراء
وصف مسؤولون حكوميون في مجالات مختلفة في تركيا كلمات البابا فرنسيس يوم أمس بأنها "غير صالحة" و "لاغية و باطلة" و "غير لائقة" و "غير مقبولة" و "تشوّه التاريخ"، بالرغم من أن هذه الكلمات قد استُخدِمت عام 2001 من قبل البابا يوحنا بولس الثاني. لكن الرئيس الإسلامي "المعتدل" يريد إحياء الدولة العثمانية، و يشعر بالقلق مع اقتراب موعد الانتخابات العامة و التي من المقرر أن تجري في 7 حزيران، حسب ما أفادت به وكالة آسيانيوز.
"لاغية و باطلة" ، "غير لائقة" ، "أحادية الجانب" ، "غير مقبولة" و "مشوّهة للتاريخ"، هذا كان هو الرد القاسي من قبل الحكومة التركية على كلمات البابا فرنسيس حول "الإبادة الجماعية" التي ارتكبت بحق الأرمن منذ مئة سنة مضت من قبل الإمبراطوية العثمانية.
و قد جاءت كلمات البابا فرنسيس خلال قداس احتفالي أقيم بمناسبة الذكرى المئوية للمجازر الأرمنية، وقال:"في القرن الماضي اجتازت عائلتنا البشرية ثلاث مآس جماعية وغير مسبوقة. الأولى اعتبرت كأول إبادة في القرن العشرين ضربت الشعب الأرمني".
يبدو أن استجابة أنقرة جاءت نتيجة لموقف جديد من قبل الفاتيكان بشأن "إبادة" الأرمن، و التي لا زالت تركيا تنكرها حتى الآن، لكن في الواقع فقد استُخدِم هذا المصطلح في الإعلان المشترك الصادر في أرمينا في إتشميادزين من قبل يوحنا بولس الثاني و الكاثوليكوس كاريكين الثاني في 27 أيلول عام 2001. لكن رد تركيا وقتها كان لطيف جداً.
فإن كان بيان الفاتيكان هو نفسه لكن تركيا هي من غيرت موقفها فإن تغيير السياسة هو من شأن أنقرة. لقد انتقلت السلطة من الأحزاب العلمانية في زمن كمال أتاتورك و حتى الإسلام "المعتدل" في زمن أردوغان و محاولته إعادة إحياء الدولة العثمانية. إضافة إلى ذلك، فإن الرئيس قلق من اقتراب موعد الانتخابات العامة في 7 حزيران إلى الحد الذي يدفعه لاتخاذ موقف متصلّب فيما يخص القضايا الوطنية الأكثر حساسية خوفاً من انسحاب الأصوات من حزب العدالة و التنمية نحو حزب الحركة القومية.
استدعت وزارة الخارجية يوم أمس السفير البابوي أنطونيو لوسيبيلو و التقى بنائب وكيل الوزارة ليفينت مراد برهان الذي قال له أن تصريحات البابا أثارت "الحزن العميق و خيبة الأمل" في أنقرة، واصفاً إياها بأنها "أحادية الجانب" و "بعيدة عن الدقة" و تسببت "بفقدان الثقة في العلاقات الثنائية"، و قال أن "تركيا سترد بالتأكيد". كما استدعت أنقرة أيضاً سفيرها لدى الكرسي الرسولي محمد باتشاجي للتشاور. و قالت وزارة الخارجية أن الادعاء الذي قدمه البابا فرنسيس "مثير للجدل بكل جوانبه و قائم على التعصب و يشوه التاريخ و يقلل من أهمية المعاناة التي شهدها الأناضول في ظل الحرب العالمية الأولى لأبناء دين واحد".
كما كتب وزير تركيا إلى الاتحاد الأوروبي فولكان بوزقير عبر تويتر:"أنا أرفض الموقف البابوي و الذي كان من المفترض أن يترك إرثاُ من السلام و الصداقة لأجيال المستقبل، لكن بدلاً من ذلك يحاول استخلاص العداء من التاريخ". و أضاف:"تركيا لا تخجل بأي فترة زمنية سابقة لها عبر التاريخ. و سيبوء بالفشل كل جهد يُبذَل لتشكيل هويتها استناداً إلى وثائق مزورة". كما وصف وزير خارجية تركيا مولود شاوش أوغلو كلمات البابا بأنها "غير مقبولة" و "بعيدة عن الحقائق التاريخية و القانونية".
كما اتهم رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو في خطاب متلفز يوم الأحد البابا بإلقاء خطاب "غير لائق" و "أحادي الجانب"، مضيفاً:"كنا نتوقع من الزعماء الدينيين أن يدعوا للسلام. لكن لا يفيد أن تفتح قلبك لمن يقفل قلبه". و يشير هذا التصريح الأخير إلى الطلب الذي لم تلبيه تركيا لفتح أرشيفها المتعلق بتلك الحقبة من الزمن.
و في هذا الصدد كررت وكالة أنباء الأناضول الرسمية الخط التركي "التاريخي" الذي ينصّ على أن "الدولة العثمانية، و بعد الثورة، نقلت الأرمن إلى شرق الأناضول، و وقع ضحايا من الأرمن أثناء عملية النقل"، بما يقدّر بمليون و نصف المليون نسمة.