السعودية تنقل مواجهتها مع إيران إلى ما بعد الشرق الأوسط
تحدث تقرير نشرته وكالة رويترز للأنباء عن أن السعودية لن تلتزم بحدود الشرق الأوسط في مواجهتها المستمرة مع إيران، وأنها ستتحرك بعيدًا عن حلفائها الغربيين.
فمنذ وصول الملك سلمان إلى سدة الحكم، تعمل السعودية على تطوير إستراتيجية تساعدها على مدّ نفوذها في آسيا وأفريقيا، بل وحتى في أمريكا اللاتينية، وقد ساهم في ذلك إبرام إيران الصفقة النووية مع القوى الغربية.
هاجم وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إيران بالقول: "عزلت إيران نفسها بدعم الإرهاب" في إشارة إلى دعم إيران للحوثيين في اليمن، وهو ما تنفيه إيران وتؤكد قيامها بمواجهة تنظيم "الدولة الإسلامية" فقط في سوريا والعراق. وأضاف: "ولهذا رد العالم الإسلامي على إيران وقال كفى". وقد شمل الرد قيام السعودية بإنشاء تحالف عسكري إسلامي تجاهلت دعوة إيران إليه، ومحاولة التأثير في بعض الدول لدفعها إلى قطع علاقاتها مع طهران.
وفي سبيل مواجهة إيران، شنت السعودية حربًا لا هوادة فيها على حلفاء إيران في اليمن، الحوثيين. وبسبب الدعم الإيراني لـ"حزب الله" في سوريا، أقدمت السعودية على قطع المساعدات العسكرية عن حكومة بيروت.
يأتي ذلك في سياق التنافس الطويل في المجالات الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية بين قلعتي السنة والشيعة في المنطقة، حيث تعتقد السعودية أن إيران تسعى إلى التغلغل في الدول العربية. والآن تتسع رقعة المواجهة لتصل إلى باكستان وماليزيا اللتين انضمتا إلى التحالف الإسلامي لمواجهة الإرهاب الذي تقوده السعودية.
يقول مهران كامرافا، الأستاذ في جامعة جورج تاون في قطر: "بدأت المواجهة بين إيران والسعودية تتعدى الشرق الأوسط من عدة نواحٍ، وهذا تطور تاريخي لا يمكن إغفاله".
موت النظام القديم
تعاظم القلق السعودية من إيران منذ أن أبرمت إيران الاتفاقية النووية مع الغرب، وذلك لأن تحرر طهران من العقوبات سيجعلها أكثر قدرة على توسيع مصالحها دوليًّا.
صرح دبلوماسي سعودي بارز بالقول: "يفهم السعوديون الآن أن النظام الدولي القديم قد مات، وأن عليهم تولي زمام المبادرة".
وما زاد الطين بلة بالنسبة للسعودية، كما يقول التقرير، هو أن الحكومة الأمريكية سمحت للبنوك الأمريكية بمعاودة مزاولة نشاطها بشكل طبيعي مع طهران، ما أشعر السعودية أن حليفتها الكبرى تنسحب من المنطقة.
تقول السعودية إن الهدف من إنشاء التحالف العسكري الإسلامي هو مواجهة الجماعات الإرهابية مثل "الدولة الإسلامية"، بيد أن مسؤولًا عراقيًّا أمنيًّا مقربًا من أجهزة الأمن السعودية قال إن السعودية تعتقد أن النفوذ الإيراني يتمدد لأنه لم يجد من يردعه.
وتعتزم قيادة التحالف إنشاء مركز لتنسيق العمليات. يقول العميد أحمد عسيري، مستشار وزير الدفاع السعودي: "الخطوة المقبلة هي اجتماع وزراء الدفاع في رمضان. وإنشاء مركز لتنسيق العمليات في الرياض.
حمل الراية
جاء إنشاء التحالف لمواجهة دعاية منتشرة في الإعلام الغربي مفادها أن إيران وحلفاءها الشيعة يتصدون لتنظيم "الدولة الإسلامية"، بينما تدعم السعودية السنية الجماعات الجهادية بشكلٍ أو بآخر.
ورغم أنه حدث نوع من اللبس في بداية إنشاء التحالف، يقول التقرير، إلا أن دولة مثل باكستان رحبت بشدة بالانضمام إلى التحالف، وأعربت عن استعدادها لمشاركة خبراتها. إلا أن باكستان قلقة من تصاعد التوتر بين السعودية وإيران.
وقد اتجهت السعودية في مسعاها هذا إلى الهند، فسعت إلى إقناع نيودلهي بعزل طهران، لكنها لم تحصل على النتائج المرجوة.
يشير التقرير إلى أن القمة العربية اللاتينية التي انعقدت في الرياض العام الماضي كانت تهدف إلى مواجهة محاولات طهران التمدد في أمريكا اللاتينية، حيث زار الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد في العام 2012، عدة دول لاتينية لحشد التأييد الدبلوماسي لإيران دوليًّا.
الصراع على أفريقيا
بعد اقتحام السفارة السعودية في طهران، أقدمت عدة دول أفريقية على قطع علاقاتها مع إيران. تحاول إيران بسط نفوذها في أفريقيا عبر الاستثمار والترويج للتشيع، واللعب على وتر مناهضتها الإمبريالية الأمريكية.
بل وحتى استطاعت إيران أن ترسل سفينة حربية إلى السودان في العام 2012. إلا أن السعودية استمالت السودان باستثمارات قدرها 11 مليار دولار، فقطعت الخرطوم علاقاتها بطهران. وقد سارت كل من الصومال وجيبوتي على نفس النهج.
ينقل التقرير عن مستشار لولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، قوله: "إن التمدد الإيراني على وشك أن يتوقف". إلا أن البروفيسور كامرافا يرى أنه من السابق لأوانه الجزم بذلك. "يمكنك تأجير الحلفاء في العلاقات الدولية ولكن لا يسعك شراؤهم. وفعالية السياسة السعودية تظل محل شك على المدى الطويل".
"رويترز"