ماذا بعد فوز فوتشيتش في الإنتخابات الصربية؟
تمكن رئيس الوزراء الصربي الحالي الكسندر فوتشيتش، وحزبه التقدمي، كما كان متوقعا، من الحصول على أكبر عدد من الأصوات في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، بنسبة 50% وفقا للنتائج الأولية.
ويلي الحزب التقدمي بعدد الأصوات، الائتلاف الذي تشكل حول الحزب الاشتراكي الصربي برئاسة ايفيكا تاديتش، وحصل على 12,1%، والحزب الراديكالي الصربي بزعامة فويسلاف سيسلي – 7,94٪، والائتلاف المعارض "من أجل صربيا عادلة - الحزب الديمقراطي" تمكن من الحصول على 6,13٪ من أصوات الناخبين.
هذه هي الأحزاب التي تمكنت من اجتياز عتبة الـ5٪، وبذلك ستكون ممثلة في البرلمان الجديد. بقية الأحزاب الـ16 التي شاركت في الإنتخابات، على ما يبدو لن تشارك في التشكيل الجديد للهيئة التشريعية الصربية. وهذا يعني أن فوتشيتش سيسيطر كاملا على السلطة، وسيبدأ يتعيين مواليه في المناصب الرئيسية.
في غضون 10 أيام بعد الإعلان عن النتائج الرسمية، سيحصل النواب المنتخبون حديثا على صلاحاياتهم. وينبغي أن تعقد الجلسة الأولى للبرلمان الجديد في موعد لا يتجاوز 30 يوما بعد نشر النتائج النهائية للانتخابات. ولعملية تشكيل الحكومة، خصصت مدة أقصاها 90 يوما من تاريخ الاجتماع الأول للبرلمان. وينص الدستور على حل البرلمان، إذا فشل في تشكيل الحكومة خلال هذه الفترة.
ومن المحتمل حدوث عدة سيناريوهات في الفضاء السياسي الصربي حتى عام 2020. ونستعرض بعضا منها:
1. حدوث الإنجاز المنطقي للإصلاحات التي بدأها الكسندر فوتشيتش، بدعم من الاتحاد الأوروبي ومؤسسات غربية أخرى. بلغراد تتفق مع خطة بروكسل للتكامل مع الاتحاد الأوروبي، وتوقع على جميع الوثائق اللازمة. ومقابل وعود بتقديم مساعدات اقتصادية لصربيا، يتم تنفيذ تغييرات هيكلية في السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية الصربية. في المقام الأول، سيتم تفكيك هياكل السلطة. وبالإضافة إلى ذلك، سيتم تكييف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية مع المعايير الأوروبية، ما يعني زيادة في نسب البطالة، وزيادة في الأسعار وتدهور مستويات المعيشة للمواطنين الصرب.
السياسة الإعلامية ستنفذ وفقا لبرامج التسامح في الإتحاد الأوروبي. وستنتشر مسيرات المثليين، كما ستروج وسائل الإعلام الصربية لثقافة الانحراف.
ومن المرجح أيضا، أن صربيا ستواصل سياسة التقارب مع حلف شمال الاطلسي. وسيتم منح إقليم كوسوفو مزيدا من الإستقلالية في الحكم الذاتي، إلى حد احتمال منحه الاعتراف بالسيادة من قبل بلغراد.
2. على الرغم من أن غالبية المقاعد البرلمانية ستؤول للحزب التقدمي، وكذلك ستتبع لجمعيات فوتشيتش السياسية، ستشهد صربيا أزمة سياسية. ويرجع ذلك إلى عدم القدرة على التعامل مع المشاكل الحالية والتحديات الجديدة، بما في ذلك تدفق المهاجرين وتدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي. نمو شعبية المتشككين بفكرة الوحدة الأوروبية في البلدان المجاورة، سيسهم في زيادة ضغط المواطنين الصرب من أجل تنفيذ سياسات أكثر ملائمة. وفق هذا السيناريو، الأكثر ترجيحا ورغبة فيه، ستكون مساعدة المتشككين بفكرة الوحدة الأوروبية، لإنشاء ائتلاف في البرلمان الصربي، يسهم في منع حدوث الإصلاحات المفيدة للاتحاد الأوروبي في صربيا.
3. سيبرز في صربيا مشهد سياسي بديل. مثل هذا السيناريو ممكن تماما، في حال تمكنت الحركة المعارضة الحالية من التوحد والبدء في المشاركة بنشاط في الحياة السياسية على المستوى المحلي والإقليمي. ونجاحها قد يسفر عن تشكيل حزب جديد من شأنه أن يكون قادرا على دخول البرلمان في العام 2020، أو قبل ذلك حال تنظيم انتخابات مبكرة.
في الحالتين الأخيرتين، يمكن لروسيا أن تشارك بنشاط مع ظهور الفرص (وكذلك لخلق مثل هذا الفرص). في السنوات العشر الماضية، على الرغم من الحديث عن الصداقة والأخوة بين روسيا وصربيا، اتضح ميول بلغراد القوي نحو الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، وينبغي أن يكون دور موسكو في الدفاع عن مصالحها في منطقة البلقان أكثر انفتاحا واستراتيجية. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي إعادة النظر في الكوادر والجهود الدبلوماسية التي تبذلها روسيا.