هذه هي خيارات نتانياهو... وهذه هي نتائجها على المنطقة

20.03.2015
بحسب المُحلّلين الغربيّين المُتابعين للخريطة السياسيّة الداخلية في إسرائيل، إنّ نتانياهو هو حالياً أمام خيارين

حاسمين على صعيد طبيعة الحكومة التي سيُكلّف بتشكيلها، لكل منهما إتجاه مُغاير وإرتدادات مختلفة تماماً، إن

على المستوى الداخلي الإسرائيلي أو على صعيد سياساتها الخارجيّة.

الخيار الأوّل: بإمكان زعيم الليكود التحالف من موقع قوّة مع منافسه "المُعسكر الصهيوني" إضافة إلى حزب

ثالث على الأقلّ من بين الأحزاب الطليعيّة التي حازت على سبعة نوّاب وما فوق، ومنها مثلاً حزب "كولونو

الوسط" الجديد كلياً والذي إستفاد من أصوات الناخبين الوسطيّين وغير المُنحازين إلى أيّ من المعسكرين

الرئيسيّين إضافة إلى أصوات العسكريّين الرافضين للقتال، وذلك لتشكيل إئتلاف حكومي لا يُعطي الأرجحيّة

السياسيّة العامة لأيّ مُعسكر، وقادر على نيل أغلبيّة نيابيّة تبلغ 61 صوتاً وما فوق من بين مقاعد البرلمان

وعددها 120 مقعداً. لكن هذا الخيار يُناقض السقف العالي الذي إعتمده نتانياهو في حملته الإنتخابيّة،

ويتعارض مع السياسة التي إنتهجها منذ سنوات طويلة، وسيُخيّب آمال الكثير من ناخبيه، وهو بالتالي ضعيف

إمكانيّة التحقيق ومُستبعد بنسبة كبيرة، على الرغم من أنّه يؤمّن أجواء داخليّة هادئة نسبياً في إسرائيل، ويُعيد

فتح أبوابها مع العالم الغربي، خاصة مع الولايات المتحدة الأميركيّة، بشكل أفضل بكثير مما هو عليه اليوم،

ويفتح إحتمال معاودة مفاوضات السلام مع الفلسطينيّين، إضافة إلى إنعكاساته الإيجابيّة على الداخل

الإسرائيلي من الناحيتين الإقتصادية والإجتماعية وغيرهما.

الخيار الثاني: وهو المُرجّح بقوّة لأن يعتمده نتانياهو، ويقضي بأن يقوم بتشكيل حكومة تحالف سياسي بين

حزب الليكود من جهة ومجموعة من الأحزاب اليمينيّة المتشدّدة من جهة أخرى. وهذا الخيار مُنسجم مع

تصاريح نتانياهو ومع إلتزاماته السياسيّة ويستجيب لتطلّعات ناخبيه. لكن هذا الخيار سيؤدّي على المستوى

الداخلي إلى نشوء مُعارضة قويّة بوجه حكومته تتكوّن ولو بشكل منفصل ومستقلّ، من حزب "المعسكر

الصهيوني" وكذلك من "القائمة العربيّة المشتركة" بدون أدنى شكّ، الأمر الذي سيُعرقل قدرتها على العمل.

كما أنّ هذا النوع من التحالف الذي يعمل نتانياهو حالياً على بلورته عبر سلسلة من الإتصالات والمفاوضات،

يعني حُكماً تبنّي خيارات اليمين المتطرّف وسياساته المتشدّدة إزاء العرب عموماً والفلسطينيّين خصوصاً،

لجهة التشدّد أكثر في معارضة أي حديث أو مفاوضات مُحتملة بشأن قيام دولة فلسطينيّة، مع كل الإرتدادات

السيّئة لهذا الخيار البعيد كلياً عن توجّهات السلام. كما أنّ تحالف كل من الليكود مع اليمين الإسرائيلي

المُتطرّف يعني أيضاً رفض أيّ إتفاق نووي بين إيران والدول الغربيّة، بحجة تهديده لأمن الدولة العبريّة،

وتبنّي خيارات الأحزاب الإسرائيليّة الدينيّة المتُشدّدة والعنصرية، الأمر الذي سيدخل إسرائيل في صراع

سياسي تصاعدي سريع مع الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربيّة يتجاوز سقف الخلافات السابقة بينهم،

وسيُفاقم أيضاً من مستوى التوتّر الأمني في منطقة الشرق الأوسط ككل.

وفي الخلاصة، يبدو أنّ الأغلبيّة العدديّة من الشعب الإسرائيلي حسمت خيارها في تبنّي سياسات الجهات

الأكثر تشدّداً وتطرّفاً بين قادتها، وهذا سيترتّب عليه رفع مُستوى الإحتقان والتوتّر السياسي والأمني بين

الحكومة الإسرائيليّة من جهة، وكل من الفلسطينيّين والعرب وإيران والولايات المتحدة الأميركية والدول

الأوروبية والغرب عموماً من جهة ثانية. وتوقّع المحلّلون الغربيّون الذين تابعوا نتائج الإنتخابات النيابيّة

المُبكرة في إسرائيل، أن تكون الحكومة الإسرائيليّة، ومع كل محاولة لإحداث تقدّم في ملفّ "مشروع الدولتين"

أو في ملفّ "النووي الإيراني" أو في أيّ ملف بمنحى تسووي، بالمرصاد بمواقفها المتشدّدة والإنغلاقيّة، ما

سيدخلها في عزلة إقليمية ودوليّة كبيرة، وسيؤدّي حُكماً إلى تدهور تصاعدي على الصعيدين السياسي والأمني

في المنطقة ككل.

- بحسب النتائج شبه النهائيّة، فاز حزب الليكود بما مجموعه 30 مقعداً، يليه منافسه "المعسكر

الصهيوني" بمجموع 24 مقعداً، ثم "القائمة العربيّة المُشتركة" التي شكّلت مفاجأة الإنتخابات

النيابيّة المُبكرة بحصدها 14 مقعداً. وكان لافتاً تراجع حزب "يوجد مُستقبل" إلى ما مجموعه 11

مقعداً نيابياً، في مقابل نجاح حزب "كولانو" الجديد كلياً بحصد 10 مقاعد. وبالنسبة إلى الأحزاب

اليمينيّة المُتشدّدة دينياً فقد حصدت مُجتمعة عدداً لا بأس به من المقاعد: "البيت اليهودي" (8)،

و"شاس" الديني (7)، و"يهودوت هتوراه" الديني (6). وتراجع حزب "إسرائيل بيتنا" بشكل

واضح وحاز على (6 مقاعد)، بينما نالت حركة "ميرتس" اليساريّة المركز الأخير (4 مقاعد)