المسيحيون في ايران ، كيف يعيشون ؟
المسيحيون في ايران ، كيف يعيشون ؟
سفير الفاتيكان في إيران: باحثون مسلمون ترجموا كتاب التعليم المسيحي إلى اللغة الفارسية
يجتمع في لوزان وزراء الخارجية لدول مجموعة 5+1 و التي تضم الولايات المتحدة و روسيا و الصين و بريطانيا و فرنسا و ألمانيا، بالإضافة إلى إيران، لبحث برنامج إيران النووي. و برغم قلّة المعلومات التي تصلنا عن المباحثات، فالشيء المؤكد هو أن الطرفين يريدان التوصل إلى اتفاق "تاريخي".
يمكن أن يصدر مشروع اتفاق (كما يأمل الجميع) بين اليوم و الغد. إن صدر هذا الاتفاق فسيطمئن المجتمع الدولي إلى أن البرنامج النووي الإيراني سيبقى سلميّاً، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية و المالية الدولية التي تم فرض معظمها في السنوات الأربع الماضية، إلّا أن بعضها يعود إلى ما يقرب من 30 عاماً.
من المهم بالنسبة للمجتمع الدولي تحقيق المصالحة مع إيران، لكن لا يتفق الجميع على وجهة النظر هذه. يفضل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "عدم الاتفاق" على "الاتفاق السيئ". و يتهم القادة السعوديون طهران بالسعي لقلب الشرق الأوسط رأساً على عقب.
كلاهما لا يقول الحقيقة كاملة. فالأول يقود القوة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط و لا يريد أن ينافسه أحد، و الآخر ينفق الكثير من عائدات النفط لنشر الأصولية الوهابية.
لنضع هذه المعارك السياسية جانباً، فحياة الشعب الإيراني هو ما يهمّنا. سافرت العام الماضي في عيد الفصح إلى هذا البلد الرائع و التقيت شعبها، بما في ذلك شبابها و أعضاء من الكنائس.
سبق أن أشرت في الماضي إلى المتضررين من هذا الحصار. و كنت قد كتبت أيضاً أن الإسلام الشيعي أكثر انفتاحاً على الحوار من الإسلام السّنّي. و قد تجلّى هذا بوضوح من خلال ترجمة باحثين مسلمين لكتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية إلى اللغة الفارسية.
لا يزال مصير 350000 مسيحي في البلاد مسألة مفتوحة. فبعضهم ينتمي إلى كنائس تعاني من اضطهاد خانق، و آخرون يتمتعون بقدر جيد من الحرية.
و برغم وجود المشاكل، إلّا أن المسيحيين يتمتعون بدرجة عالية من الحرية الدينية في إيران أكثر من بلدان أخرى في المنطقة. و هذا أمر مهم جداً خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن المسلمين يشكلون 98% من السكان (86,1% شيعة، 10,1% سنّة، 2% مسلمين من طوائف أخرى).
بدأت رحلتي بين المسيحيين الإيرانيين أثناء زيارتي لوزارة الأقليات، يرأسها حجة الإسلام علي يونسي المسؤول عن العلاقات بين المسيحيين و اليهود، و جماعات عرقية أخرى.
أسس الرئيس روحاني هذه الوزارة، فهو "يهتم بحقوق كل مواطن أيّاً كان دينه أو عرقه أو ثقافته. فلكل إيراني الحق في التمتع بذات الحقوق و ذات القدر من الكرامة".
النائب الآشوري يوناثان بتكوليا سعيد للغاية بالمسار الجديد الذي رسمه روحاني. و أوضح بتكوليا أن المجتمعات الكلدانية و الأشورية عاشت في إيران لحوالي 3000 سنة (كمجموعات عرقية ربما).
مدينة أورميا في شمال إيران دليل واضح على الوجود المسيحي المبكر في المنطقة، ففيها مقابر المجوس، كما أنها موطن لكثير من الكنائس التي يهتم بها المسلمون الآن بعد مغادرة المسيحيين.
سألته إن أضاف النواب المسيحيون بعض التحسينات على الحرية الدينية للمسيحيين، فروى لي قصة مثير للاهتمام لتوضيح وجهة نظره.
قبل وقت قريب كان الناس يدفعون "الدية" لأسرة القتيل. كان السعر للمسلم 60 مليون ريال، و للمسيحي 3 ملايين ريال. و قد نجحت المجتمعات في الحصول على السعر ذاته للجميع و هو 150 مليون ريال لكل من المسيحيين و المسلمين.
و من المقرر إخضاع قانون آخر يتعلق بالإرث للتغيير. فبموجب التشريعات القائمة، إذا كان أحد أفراد الأسرة مسلماً، فإنه يحصل على كل شيء لنفسه و لا يأخذ الآخرون شيءً. و كثيراً ما أدى ذلك إلى اعتناق الإسلام للاستيلاء على ممتلكات الأسرة. و يريد الوزير يونسي تغيير هذا القانون.
إن الارتداد عن ديانة و اعتناق أخرى تشكل مصدر قلق شديد "فنحن نريد أن يعيش الناس جنباً إلى جنب، المسجد بجوار الكنيسة. لا يروق لنا الارتداد عن الدين ولا التغيير (التحويل). إن هذا يهدد الأمن و الوحدة الوطنية. فالتوازن بيننا و بين الأقليات مناسب للأقليات، و لا نريد أن يختل هذا التوازن".
التحوّلات الدينية ممنوعة لأسباب "أمنية"، مهما كان الدين، و قد تؤدي إلى السجن. الجماعات البروتستانتية تدرك ذلك جيداً لأن أعضاءها غالباً ما ينشطون في الأماكن العامة و يشجعون المسلمين لدخول ديانتهم. و ورد في 'مسيحيي اليوم'، منشور أنجليكاني، أنه منذ 27 تشرين الأول 2014 تم سجن 49 شخص على الأقل من البروتستانت بسبب "التحوّل".
في حين أن التشجيع على التحوّل عن الدين يُفهَم على أنه ضغط و تلاعب بضمير شخص آخر، و هذا ما لا بد من إدانته، فإن مجرد الحديث عن الإيمان المسيحي علناً قد يكون كافياً في كثير من الأحيان للإدانة و الاتهام بالتبشير.
انغلقت العديد من الجماعات المسيحية على نفسها بسبب عدم القدرة على التحدث علناً عن دينها للغرباء، فحاولت هذه الجماعات التوسع ديموغرافياً من خلال النمو الطبيعي و معمودية الأطفال المسيحيين.
يقول سفير الفاتيكان في إيران المونسنيور ليو بوكاردي أن "هناك مجال للحوار المثمر مع العالم الإسلامي" رغم العقبات. و أشار إلى أن "الكنائس في إيران تتمتع بحرية العبادة، و هذا ما لا يمكن أن تراه في أماكن أخرى. إنها آمنة و لا يمسّها أحد، و لا وجود للإرهاب".
المونسنيور بوكاردي متفائل جداً، و يرى أن هناك "مناخاً جديداً" و قدر أكبر من الحرية في عهد روحاني.