الدور المطلوب من بوتين لتحقيق الاستقرار العالمي

29.10.2016

 خبراء اجتماع نادي فالداي الثالث عشر يناقشون توصياتهم للرئيس فلاديمير  بوتين والتي من شأنها تحقيق الاستقرار في النظام العالمي.

يرى العديد من الخبراء أن  روسيا أصبحت أكثر عدوانية في سياستها الخارجية، والعديد منهم يلقون باللوم على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وعلى طموحاته للعودة بالبلاد إلى وضع الدولة العظمى عالميا. البعض الآخر يرى في سياسة روسيا محاولة لتسريع تفكيك النظام أحادي القطبية الذي تكون بعد نهاية الحرب الباردة، وبالتالي ضمان مكان لها في نظام عالمي متعدد القطبية يتشكل حديثا.

ننقل رأي بعض  الخبراء الروس المشاركين في الاجتماع الثالث عشر لمنتدى فالداي وتوصياتهم لبوتين لو كانوا مستشارين له في السياسة الخارجية. وبالنظر إلى أن الرئيس  الروسي سيزور اجتماع فالداي هذا العام، ويلقي خطابا ويتلقى الأسئلة من خبراء نادي فالداي ، لمعرفة ما هو  موجود في عقول  هؤلاء الخبراء.

ريتشارد ساكاوا ، أستاذ السياسة الروسية والأوروبية في جامعة كينت وزميل مشارك في تشاتام هاوس

ما يجب طرحه هو بوضوح خطة استراتيجية
ما يجب أن يطرح هو خطة استراتيجية واضحة. وهناك عدد قليل من العناصر الرئيسية ضمن هذه الخطة. أولا، التزام المؤسسات والعاملين فيها بأنظمة المجتمع الدولي (الأمم المتحدة والقانون الدولي، وما إلى ذلك). ومن الواضح أن جميع القوى العظمى في بعض الأحيان تسيئ استخدام هذا النظام.

الشيء الثاني هو أنه في حين تعمل روسيا والصين معا، وهذا مهم جدا لأنه يشكل أساسا لإنشاء مجموعة من العلاقات المختلفة مع بريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون. ولكن تعمل روسيا مع جميع أعضاء تلك المؤسسات من أجل تطوير نموذج معياري للكيفية التي يمكن أن تستمر من خلالها السياسة البديلة. لذلك هذا توجه نحو التعددية العالمية ويجب أن يستند ليس فقط على القيم المعيارية لعدم التدخل ولكن أيضا على تطوير التعاون.

والشيء الثالث هو أن جميع المبادئ المذكورة أعلاه لا يقصد بها أن تكون معادية للغرب، وإنما هي تشكل أساسا محاولة لوضع هياكل غير غربية، ولكنها غير معادية للغرب، وهذه الهياكل الموازية يمكن أن تساعد الغرب في الواقع للعمل مع الدول غير الغربية.

لذلك، إذا كان لي حق مشورة بوتين فإني أود أن أقترح استراتيجية بثلاثة جوانب: أولا، الالتزام الواضح بمبادئ المجتمع الدولي؛ وثانيا الالتزام بإقامة نظام عالمي تعددي وثالثا يجب أن يكون هذا النظام العالمي التعددي غير عدائي ومبني على التعاون والثقة.

ريتشارد وايتز، زميل ومدير مركز التحليل السياسي-العسكري في معهد هدسون
الاقتراح الأول هو هذا: آمل أن يفعل بوتين كما فعل في عام 2002 عندما قرر تقليل التركيز على تهديد محتمل من الدفاعات الصاروخية الأمريكية.

الاقتراح الثاني هو أنني آمل أن يستمر بوتين بالتعاون من خلال بعض مشاريع الأمن النووي القديمة بين الولايات المتحدة وروسيا، وتركيز التعاون مع الولايات المتحدة بشأن التهديدات النووية من بلدان أخرى. روسيا والولايات المتحدة تعاونتا بشأن البرنامج النووي الايراني وكوريا الشمالية والجميع يحب أن يستمر على هذا التعاون.

لذلك، فهذين  المجالين هما  اللذان يحتاج الرئيس الروسي إلى أن يكون أكثر تعاونا من خلالهما.

شنغ شى ليانغ زميل أبحاث في مركز أبحاث القضايا العالمية وكالة أنباء شينخوا
أنصح بتحسين علاقات روسيا مع جميع البلدان، بما في ذلك أوكرانيا والولايات المتحدة. التوترات الحالية بين روسيا والغرب وبين الصين والولايات المتحدة، ليست  لمصلحة أحد. وهو يشكل صداعا لروسيا وللصين وللولايات المتحدة.

من وجهة النظر الصينية، نود أن نرى روسيا بعلاقات جيدة مع أوروبا والولايات المتحدة وأوكرانيا والدول أخرى. ونود أن يستفيد الجميع من ذلك.

بشكل عام، يجب أن أقول إن فلاديمير بوتين فعل الكثير من أجل زيادة قوة روسيا وتحسين العلاقات بين الصين وروسيا، وهذا ما جعل منه سياسيا يحظى باحترام كبير في الصين. لديه العديد من المشجعين في الصين ومن جميع فئات السكان تقريبا.

روبرت ليغفولد ، مارشال د شولمان أستاذ فخري في قسم العلوم السياسية في جامعة كولومبيا
الولايات المتحدة وروسيا في حرب باردة جديدة تختلف كثيرا عن النسخة الأصلية. لكن الامر خطير بما يكفي كي أعتقد أن ما يجري حرب باردة جديدة. لذا فإن السؤال هو: كيف نبدأ بالخروج من ذلك، كيف نبدأ بالتسلق للخروج من هذه الحفرة التي حفرناها؟ والخطوة الأولى في القيام بذلك هو دراسة القصص الكاذبة التي نرويها حول بعضنا البعض.

يمكن أن يتم ذلك إذا أعدنا الانخراط وبدأنا حوارا جادا، لا مجرد مناقشات عملية حول الاتفاقات حول النزاعات في سوريا أو حول إحراز تقدم بشأن تقاسم محطة الفضاء الدولية، ولكن عندما نحاول حقا الوصول إلى عمق القضايا الخطيرة ونكون على استعداد للقيام بذلك.

ولكن المناخ السلبي في الوقت الراهن هو أن كل طرف لا يعتقد أن هناك أية نقطة تمكننا من القيام بذلك. الأمر لا يستحق. ولكن ما الذي يدفع إلى هذا الانطباع؟ إنها القصص الخاطئة التي نرويها حول بعضنا البعض. لذلك يجب البدء في معالجة هذه المسائل.

وإذا بدأنا بإزالة هذه العقبات، وأزلنا العقبات السلبية  سيكون لدينا فرصة للبدء بالتفكير بأجندة حول النقاط الإيجابية: ما هي المجالات التي يمكن أن تتعاون فيها؟ ما هو جدول الأعمال؟ دعونا نبدأ التفكير في أجندة أوسع.

بيوتر دتكيفز ، أستاذ العلوم السياسية والمدير المشارك لمركز الحوكمة والسياسة العامة في جامعة كارلتون
ان اقتراحي الأول يقول، دعونا نفكر في كيفية إعادة بناء قواعد اللعبة وكيفية إعادة بناء المؤسسات التي من شأنها أن توفر مستوى معين من الاستقرار العالمي. هنا أنا أتحدث عن الأمم المتحدة، ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE) والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي (IMF) وغيرها، وكيفية جعلها تعمل ليس فقط على المصالح الخاصة لبعض الأطراف ولكن نيابة عن أهم اللاعبين  بما في ذلك الصين وروسيا.

والاقتراح الثاني هو تشكيل آلية دائمة للتشاور لا تتضمن مجموعة ال20 أو مجموعة السبعة G7  ولكن مجموعة الثلاثة  G3 (الولايات المتحدة وروسيا والصين). هناك حاجة ماسة للحوار حول العناصر الأساسية للاستقرار العالمي. اذا حدث ذلك، فهذا سيوفر فرص لزيادة استقرار الوضع بدلا من الحالة الحالية التي لا يمكن التنبؤ بها أبدا.

فولفغانغ شوسل، المستشار الاتحادي السابق لجمهورية النمسا
ما أريد قوله يشكل نصيحة هامة ليس فقط لروسيا ولكن بالنسبة لنا جميعا، بما في ذلك الولايات المتحدة والصين: فنحن نعيش حاليا في القرية العالمية وفكرة العودة إلى الأيام المجيدة القديمة للهيمنة قد عفا عليها الزمن. الأيام الجيدة نعيشها الآن، والأيام الخوالي التي كانت أيام الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي والصين ليست مجيدة في الواقع إذا قارناها بما نعيشه اليوم.

لذلك أنصح الجميع بوقف حروب الدعاية ووقف تراكم الأسلحة، الأمر الذي يضيع الكثير من المال. انظروا كيف ارتفعت الميزانيات العسكرية على مدى السنوات الماضية: الميزانية العسكرية الصينية هي أربعة أضعاف عما كانت عليه في السنوات ال 15 الماضية، المملكة العربية السعودية ثلاثة أضعاف. وضاعف الإيرانيون ميزانيتهم، وضاعفت روسيا ميزانيتها تقريبا، كما ضاعفتها الولايات المتحدة بنسبة 50 في المئة - وهذا يجب أن يتوقف.