مبادرة السلام العربية: تسويق روسي ونفي إسرائيلي

09.06.2016

رغم الأجواء الاحتفالية لزيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لموسكو، إلا أن التنغيص عليها جاء من النقاشات السياسية التي دارت فيها.

ورغم إشارات إسرائيلية متكررة بأن بين أهداف الزيارة حث موسكو على لعب دور أكبر في حل الصراع العربي ـ الإسرائيلي، إلا أن أقوال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حول تأييد نتنياهو للمبادرة العربية أثارت الارتباك. فقد أعلنت رئاسة الحكومة الإسرائيلية أن موضوع المبادرة العربية لم يبحث أبداً في النقاشات مع الروس، فيما أعلن «البيت اليهودي» أن هذه المبادرة «لن تقوم ولن تحيا».

وقد أعلن لافروف أنه بعدما أوضح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لنتنياهو أنه يؤيد المبادرة العربية من دون أي تغيير، «لم نسمع أي تحفظ أو طلب بالتغيير من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو».

وجاء كلام لافروف في لقاء مع وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، حيث قال «هناك مكان للتفاؤل، خصوصاً في ضوء واقع ذكر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أثناء حديثه مع بوتين، مبادرة السلام العربية عدة مرات، موضحاً أنها أساس مقبول للجميع من أجل مواصلة الجهود. وأنا لم أسمع أي مطالبة من جانب نتنياهو بإدخال تعديلات على المبادرة العربية. كما أن روسيا لا ترى حاجة لتغيير في المبادرة. كل العالم يرى أن المبادرة أساسية». وأضاف أن روسيا تؤيد كل مبادرة تساعد في التغلب على عقبة الجمود في المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين.

ورد زعيم «البيت اليهودي» نفتالي بينت، الذي يخدم في حكومة نتنياهو كنوع من «حارس مرمى» الموقف اليميني على أقوال وزير الخارجية الروسي بأن هذه المبادرة «لن تقوم ولن تحيا». كما أن زميله في الكتلة عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش قال «إذا صح كلام لافروف فهذا خطير جداً. سنقف كسد منيع، ونقيم سوراً حديدياً من اليمين بحيث لا ندع هذا يحدث».

وفي ديوان رئاسة الحكومة ردوا على تصريحات لافروف بالقول إن «المبادرة العربية لم تطرح بتاتاً في الحديث مع بوتين. ونتنياهو سبق أن أعلن في الماضي أن هناك حاجة لتحديث المبادرة، خصوصاً في ضوء التغييرات الدراماتيكية التي وقعت في المنطقة منذ العام 2002، وفي كل حال فإنه ليس بوسع المبادرة العربية أن تكون إملاء على إسرائيل، بل هي موضوع للتباحث بين إسرائيل ودول المنطقة بهدف الحث على سلام إقليمي مع الدول العربية».

وأمس شارك نتنياهو في مراسم إعادة الدبابة الإسرائيلية التي كان الجيش السوري غنمها في معركة الدبابات الشهيرة في السلطان يعقوب في اجتياح العام 1982.

وقال نتنياهو، في متحف المدرعات الروسي قرب موسكو، إنه «هذا مثير جداً لي ولكل مواطني إسرائيل. فنحن من 34 عاماً نبحث عن مقاتلينا، ونعلم أننا لن نتوقف عن ذلك إلا بعد دفنهم في إسرائيل. طوال 34 عاماً هذه لا يوجد قبر تزوره عائلات كاتس، فيلدمان وباومل. ولكن الآن ستكون لهم هذه الدبابة. بقية من معركة السلطان يعقوب يمكنهم أن يزوروها، ويمكنهم أيضا أن يلمسوها كذكرى من أبنائهم».
وأضاف «أود أن أغتنم هذه المناسبة لأتقدم بالشكر للرئيس فلاديمير بوتين على لفتته الإنسانية المؤثرة باسم عائلات» الجنود. وتابع «أعتقد أن هذا الحدث يرمز إلى الرابطة العاطفية والعميقة بيننا».

وفي لقاء نتنياهو مع قادة الطائفة اليهودية في روسيا، أشار إلى الوضع في سوريا. وقال «نحن حريصون على ألا تشكل سوريا منطلقاً لأي اعتداءات على إسرائيل. ليس على أيدي قوات سورية ولا على أيدي قوات أخرى. لا على أيدي قوات «حزب الله» ولا على أيدي قوات إسلامية. لدينا ما يكفي من الأعداء. وسياستي هي اتخاذ كل الخطوات المطلوبة لمنع الهجمات، ونحن نعمل من حين لآخر حسب الحاجة». وأضاف «أنتم تسألون عن مستقبل العلاقات مع الرئيس (السوري بشار) الأسد؟ كنت سأسأل ما هو مستقبل الرئيس الأسد عامة؟ نحن لا نتدخل في هذه المسألة».

وفي توصيف نتنياهو للوضع، قال إنه لا يعرف إن كان بالوسع «إعادة الأومليت السوري إلى البيضة. إن الدول حولنا، وسوريا بينها، قسم منها تفكك، وهذا يقتضي تدبيراً آخر. وقد تحدثت عن ذلك مطولاً مع الرئيس بوتين، والمهم هو أن ما سيحل مكانها لن يجلب المزيد من المآسي، ولن يعرّض دولتنا للخطر».

وفي توجيه للصحافيين المرافقين له، قال نتنياهو إن العلاقات مع روسيا ليست بديلاً للعلاقات مع أميركا. وفي نظره روسيا غدت صديقة وهي ليست بديلاً لأميركا. وقال «ليس عملياً استبدال التحالف مع الولايات المتحدة».

وأشار كذلك إلى الاتفاق مع تركيا لتطبيع العلاقات، موضحاً أنه «وشيك جدا، وأنني أطلع بوتين في شأن تركيا. والروس يفهمون ذلك». وشدد على أن التنسيق بين الجيشين الإسرائيلي والروسي مهم في سوريا، و «مراراً كدنا نصطدم». وأكد أن زياراته المتكاثرة لروسيا كانت أساساً بسبب ما يجري في سوريا، ومع ذلك أعلن أنه يؤيد تطوير العلاقات أيضاً مع قوى عظمى مثل الصين، ومع دول ليست عظمى.

جريدة "السفير"