السويد ومنظمة حلف شمال الأطلسي

07.06.2016

في 25مايو/ أيار من العام الحالي صوت البرلمان السويدي لصالح علاقات أوثق مع حلف شمال الأطلسي في ما يسمى بـ " اتفاقية دعم الأمة المضيفة ". وهذا الاتفاق الجديد سيسمح لقوات حلف شمال الأطلسي بالعمل بحرية أكبر وإجراء تدريبات على الأراضي السويدية. سابقا كانت السويد مجرد أمة "للشراكة والسلام" ، ولكن بالنتيجة فقد شاركت القوات السويدية عسكريا في أفغانستان، وكذلك شاركت في قصف وتدمير ليبيا القذافي. لذلك فالسويد جنبا إلى جنب مع منظمة حلف شمال الأطلسي مسؤولة إلى حد كبير عن الفوضى الحالية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط. لذلك فإن  الحديث عن "200 سنة من الحياد السويدي" يبدو أجوفا، وبالتالي فقرار السياسيين السويديين بالمشاركة في مزيد من الأدوار الأطلسية لا يشكل مفاجأة كبيرة.

في سبتمبر/ أيلول 2015، استطلعت آراء ألف من السويديين حول موضوع انضمام السويد إلى الحلف الأطلسي. تبين من هذا الاستطلاع أن 41٪ منهم لصالح للانضمام و 39٪ ضده. و 20٪ غير مبالين . سواء أكان هذا الاستطلاع يمثل الآراء الدقيقة للناس في السويد أم لا، فإن  41٪ هي نسبة ضعيفة جدا لفرض مزيد من التكامل مع حلف شمال الأطلسي على الشعب السويدي. أضف إلى ذلك، حقيقة أن السياسيين السويديين تجاهلوا الاحتجاجات الشعبية وكذلك تجاهلوا 41300 توقيعا تدعو السويد لعدم المشاركة مع منظمة حلف شمال الأطلسي.

وأوضح وزير الدفاع السويدي بيتر هالتكفيست أن السويد لا ينطبق عليها صفة العضوية الكاملة، ولكن الاتفاقية "تخلق حالة من الاستقرار على المدى الطويل"، وأن السويد لن تكون جزءا من حالة يمكن استخدامها من قبل الآخرين لزيادة مستوى التوتر. ومع ذلك فإن الاتفاق الجديد في حالة نشوب أعمال عدائية يسمح باستخدام أراضي السويد كنقطة انطلاق لحلف شمال الأطلسي لدعم برامجه في الدول الاسكندينافية وبحر البلطيق ضد روسيا.
هالتكفيست استمر في الشرح قائلا إن الوضع الأمني ​​الحالي في أوروبا هو السبب الرئيسي وراء قرار السويد بزيادة التعاون مع منظمة حلف شمال الأطلسي، مشيرا على وجه التحديد إلى التحديث العسكري في روسيا باعتباره قضية رئيسية تسبب القلق. كما تم إعادة ذكر الأحداث في أوكرانيا مرارا وتكرارا.

فكرة أنه "لا يمكن التنبؤ بأفعال موسكو وأن ما تقوم به خطير" هو حجة مشتركة لدى جميع الأطلسيين في الغرب، حيث يتم تصوير الأحداث في أوكرانيا والقرم بأنها مجرد "عدوان روسي" وبأنها  "إمبريالية بوتين ". وهم بالطبع "نسوا" حقيقة أنهم هم أنفسهم، أي الساسة والمنظمات الأطلسية غير الحكومية من دعموا انقلاب الميدان الذي زعزع الاستقرار في البلاد وتسبب في الحرب الأهلية الدائرة. وعلاوة على ذلك، فإن حقيقة أن الأمين العام السابق لمنظمة حلف شمال الأطلسي، أندرس فوغ راسموسن، قد تم تعيينه مستشارا شخصيا لبوروشينكو في أوكرانيا، الأمر الذي لن يجعل الأمور بهذه  السهولة في مواجهة روسيا.

في أبريل/ نيسان 2015، تظهر "فاتورة الدفاع السويدية 2016-2020" ضوءا أخضر بزيادة التكلفة على دافعي الضرائب السويديين من أجل إعادة تسليح الجيش وتحديثه، وتشير التقديرات إلى أن الإنفاق الدفاعي على مدى السنوات الخمس المقبلة سيزيد بنسبة 11٪ ( 2.2٪ سنويا) ومجموع التكلفة سيصل إلى 27 مليار دولار . أهم جوانب مشروع القانون هو إعادة تسليح جزيرة جوتلاند وتعزيز قدرة الحرب المضادة للغواصات. وهذا يعني أن دور السويد في الصراع سيكون في المقام الأول ضد روسيا في بحر البلطيق.
وقد ذكر توماس ريس، عالم في "جامعة الدفاع السويدية " في ستوكهولم أن الولايات المتحدة مهتمة في بناء تحالف عسكري صغير من الدول لاسكندنافية ودول البلطيق يعوض النقص الواضح في الاهتمام والالتزام من الناتو الأكبر. ومن المحتمل جدا أن تكون نوقشت التحضيرات لإنشاء مثل هذا "الناتو المصغر" في قمة  قادة الولايات المتحدة والشمال التي جرت في مايو/ أيار من هذا العام.

الأطلسيون يشددون قبضتهم على شمال شرق أوروبا، ويدعمون إستراتيجية الاحتواء نحو روسيا والتي تكلف مليارات الدولارات سيدفعها  أعضاء حلف شمال الأطلسي الأوروبيون. على الرغم من أن السويد ليست عضوا كاملا، فإن قرار النخب السياسية السويدية  بالاقتراب من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة هو مشروع خطير ومكلف. ومع إجراء التدريبات العسكرية لحلف الناتو في بحر البلطيق من 3 يونيو حتى 16 منه - بناء على المصالح الجيوسياسية للولايات المتحدة  - فإن أوروبا تضغط ضد الجار الروسي، وتوجه الأسلحة إليه  بدلا من مد يد الصداقة له.