تجارة تهريب اللاجئين واستغلالهم جنسيا في تركيا

04.04.2016

يقنع المجرمون المحترفون الآباء السوريين بأن بناتهم سوف ينتقلن إلى حياة أفضل في تركيا ويمنحون الآباء مبلغا يتراوح بين 2000 و 5000 ليرة تركية ($ 700- $ 1700) كـ "ثمن للعروس"، وهو مبلغ ضخم بالنسبة لعائلة سورية فقيرة.
لدى الكثير من المسلمين صعوبة في التأقلم مع الثقافة الغربية أو الاندماج فيها ، بل إن لدى الكثيرين منهم خوفا من الثقافة المستوردة من أوروبا لكي لا يقعوا في المخاطر ويتعرضون  للاغتصاب أو الاعتداء الذي فروا منه.
على الرغم من معرفة الدول العربية الغنية بهؤلاء الضحايا البائسين من أخواتهم المسلمات فإنهم لا يستقبلون اللاجئين. الناس في هذه المنطقة يعرفون جيدا أن طالبي اللجوء سيجلبون معهم المشاكل سواء على الصعيد الاجتماعي أو الاقتصادي. وبالنسبة لكثير من الرجال المسلمين الأغنياء كالسعوديين وخاصة الشيوخ فمن الأسهل عليهم شراء الأطفال السوريين من تركيا وسوريا والأردن كعبيد للجنس الرخيص.
في اليوم العالمي للمرأة 8 مارس/ آذار غطت وكالات الأنباء التركية الحياة المأساوية التي انتهت بالموت المبكر لعروسة سورية "طفلة".
في أغسطس/آب الماضي، في حلب، تم تزويج فتاة عمرها 15 عاما تدعى "م ظ" من  ابن عمها "إ ظ" على الطريقة الإسلاميية. انتقل الزوجان إلى تركيا، ولكن انتهى الزواج بعد ستة أشهر، عندما طرد الزوج فجأة من البيت. ولكن "م ظ" وجدت  المأوى مع شقيقها (19 عاما) وابن عم آخر، 14 عاما، في شاحنة مهجورة.
يوم 8 مارس/آذار انتحرت الفتاة، يقال بطلقة  بندقية. وكانت  الحيازة الوحيدة التي تملكها والتي وجدت في جيوبها هي شهادة الزواج المكتوبة بخط اليد.
هذه قصة واحدة فقط من العديد من القصص التي حصلت مع الشباب السوريين الذين وقعوا ضحايا زواج الأطفال. ذكرت مجموعات حقوق الإنسان أن الاعتداءات الأكبر يتم ارتكابها من قبل العصابات ضد ما يقرب من ثلاثة ملايين من السوريين الذين فروا إلى تركيا.
يقول تقرير مفصل يتحدث عن اللاجئين السوريين من النساء وطالبي اللجوء، والمهاجرين في تركيا، أصدر منذ عام 2014  من قبل جمعيات تعمل في مجال حقوق الإنسان والتضامن مع المقهورين (المعروف باللغة التركية ب "مازلومدير") وهو يعدد ويصنف حالات  الزواج المبكر والقسري وتعدد الزوجات والتحرش الجنسي والاتجار بالبشر والدعارة والاغتصاب والكثير من الجرائم التي لحقت بالسوريين في تركيا.
ووفقا لتقرير التضامن مع المقهورين يتم استغلال السوريين جنسيا نتيجة للعوز والفقر وخاصة لدى الأطفال والبنات هن الأكثر تعرضا للأذى.
تشير الأدلة الشرعية (الطب الشرعي) أو من خلال الشهود إلى أن البغاء ازداد في كل مدينة استقر فيها اللاجئون السوريين بشكل ملحوظ. والشابات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و 20 هن الأكثر شيوعا في عمل الدعارة، لكن الفتيات اللواتي لا تتجاوز أعمارهن الثالثة عشرة يتعرضن أيضا للاستغلال .
قال المحامي "سيسيل اربالوت" وهو محام من لجنة حقوق المرأة في نقابة المحامين في المحافظة التركية باتمان:  يدفع  للعديد من الفتيات السوريات الشابات سعرا بين 20 و 50 ليرة تركية ($ 7- $ 18) وأحيانا يدفع لهن الطعام أو غيره من السلع بدلا من المال.
النساء اللواتي عبرن الحدود بطريقة غير مشروعة  مع عدم وجود جواز سفر هن الأكثر عرضة لخطر التعرض للاختطاف والبيع من أجل الدعارة أو كعبيد للجنس. العصابات الإجرامية تعمل على اقتناص اللاجئين على طول الحدود أو في محطات الحافلات المحلية حيث يصبح "تهريب اللاجئين" مصدرا رئيسيا للدخل.
يقوم المجرمون المحترفون بإقناع الآباء بأن بناتهم سوف تنتقل إلى حياة أفضل في تركيا ويمنحون الآباء مبلغا يتراوح بين 2000 و 5000 ليرة تركية ($ 700- $ 1700) ك "ثمن للعروس"  وهو مبلغ ضخم بالنسبة لعائلة سورية فقيرة.
"كثير من الرجال في تركيا يمارسون تعدد الزوجات مستفيدين من وجود الفتيات أو النساء السوريات، على الرغم من أن تعدد الزوجات أمر غير قانوني في تركيا".  المحامي عبد الحليم يلماز، رئيس لجنة  التضامن مع المقهورين قال إن "بعض الرجال في تركيا يتخذ زوجات سوريات كزوجة ثانية أو ثالثة حتى دون تسجيلها رسميا". ليس لهؤلاء الفتيات وضع قانوني يحميهن في تركيا ويعتبر الحرمان الاقتصادي هو العامل الرئيسي في هذه المعاناة. "إنها ظاهرة دينية وثقافية  والزواج المبكر مسموح به في الدين ".
النساء والأطفال السوريون في تركيا يتعرضون أيضا للتحرش الجنسي في مكان العمل. أولئك الذين يستطيعون الحصول على وظائف تؤمن لهم ولو القليل (وربما ما يكفي لتأمين الطعام) لكنهم يعملون لوقت طويل وبشكل شاق مقابل هذا الشيء القليل مع أنهم يتعرضون لكل أشكال الأذى وهم يعملون لساعات طويلة.
فتاة سورية عمرها 16 عاما تعيش مع شقيقتها في أزمير، قالت للجنة التضامن مع المقهورين:  "لأننا من السوريين الذين يأتون إلى هنا هربا من الحرب يعتقدون أننا  شعب من الدرجة الثانية، لقد كانت أختي في كلية الحقوق في سوريا، ولكن الحرب أجبرتها على ترك الجامعة، والآن الرجال العاطلون عن العمل يطلبون منها 'الزواج' منهم. إنهم يحاولون الاستفادة من الوضع السيئ لدينا ".
أما إذا كان اللاجئون أكرادا فإنهم يتعرضون للتمييز مرتين، الأولى كلاجئين ومن ثم ككرد. "إن وكالات الإغاثة هنا تساعد فقط اللاجئين العرب، وعندما يسمعون أننا أكراد، فإنهم إما يسيرون بعيدا عنا، أو أنهم يعطون القليل جدا، وبعد ذلك لا يعودون".
وضعت منظمة مكافحة بغاء الأطفال والمواد الإباحية للأطفال والاتجار بالأطفال لأغراض جنسية (ECPAT) تقريرا مفصلا حول "حالات لمكافحة الاستغلال الجنسي التجاري للأطفال في تركيا". ويشير التقرير أن حالات العبودية في تركيا هي الأعلى في أوروبا، وذلك يرجع إلى حد كبير إلى انتشار ظاهرة الاتجار بالبشر لأغراض الاستغلال الجنسي والزواج المبكر.
ونقلت هذه المنظمة دراسة عن وزارة الخارجية الأمريكية من عام 2013 تشير أن "تركيا هي الوجهة والعبور، وبلد المصدر للأطفال الذين يتعرضون للاتجار بالجنس". ويتابع تقرير ECPAT أن "هناك خطرا على طالبي اللجوء الشباب وذلك من خلال  اختفائهم من مراكز الإيواء ويصبحون عرضة للاتجار".
"هناك مخاوف من التقارير الواردة من مخيم الزعتري للاجئين السوريين الذي تديره الأمم المتحدة في الأردن تؤكد بشكل متساو مع المخيمات في تركيا:" كبار السن من الرجال من المملكة العربية السعودية وباقي دول الخليج يستفيدون من الأزمة السورية من أجل شراء العرائس في سن المراهقة وبـ "أسعار زهيدة".
"الأدلة تشير إلى أن الاتجار بالأطفال يحدث أيضا بين سوريا وتركيا من خلال " الزوجات " اللواتي يتم طلبها مسبقا من سوريا حسب العمر.
ومن الواضح، أن 85٪ من اللاجئين السوريين يعيشون خارج مخيمات اللاجئين، وبالتالي لا يمكن حتى مراقبتهم من قبل وكالة دولية.
وتجبر العديد من النساء اللاجئات في تركيا، وفقا للمحامي ونائب رئيس جمعية حقوق الإنسان في تركيا، "إرين كشكين"، على ممارسة البغاء في الخارج، وحتى في مخيمات اللاجئين التي بنتها منظمة إدارة الطوارئ والحروب التركية (AFAD).
وقال كشكين "هناك أسواق للدعارة في "أنتيب"  وكلها أماكن تسيطر عليها الدولة. وتم بيع مئات من اللاجئين (نساء وأطفال) لرجال أكبر منهم سنا"، وأضاف "لقد وجدنا أن النساء تجبر على ممارسة الدعارة لأنهم يريدون شراء الخبز لأطفالهم."
وقال كشكين أنهم تلقوا العديد من شكاوى الاغتصاب والاعتداء الجنسي والعنف الجسدي من قبل اللاجئين في مخيمات في محافظتي "هاتاي وأنتيب" وقال  "على الرغم من كل محاولاتنا لدخول تلك المخيمات، لم يسمح لنا المسؤولين بذلك".
ونفى مسؤولون في منظمة إدارة الطوارئ والحروب التركية (AFAD) بشدة هذه المزاعم. وقال ممثل المنظمة لمركز أبحاث جيستون "نحن نقوم بتزويد اللاجئين بالتعليم والرعاية الصحية. ومن المحزن أنه بعد كل العمل المخلص لمنظمتنا من رعاية للاجئين على مدى السنوات الخمس الماضية، توجه لنا مثل هذه الاتهامات غير العادلة والتي لا أساس لها".
"وقد بلغ عدد اللاجئين في تركيا إلى 2.8 مليون. تركيا لديها ستة وعشرون مركز إيواء يعيش فيها حوالي ثلاثمائة ألف لاجئ. وتتم مراقبة هذه المراكز بانتظام من قبل الأمم المتحدة... وقوم بذلك بعض مسؤولي الامم المتحدة بأنفسهم".
وقال قانصو توران، عامل اجتماعي مع إحدى مؤسسات حقوق الإنسان في تركيا " كان من الممكن أن يحصل الكثير من اللاجئين على الوظائف التي تناسب تدريبهم أو مهاراتهم". ولكن لم يتم سؤال أي منهم عن خلفيته التعليمية أو فيما إذا كان يريد وظيفة غير رسمية عندما تم تسجيلهم رسميا في تركيا. ولذلك، فهم يستطيعون العمل فقط بشكل غير رسمي وتحت أقسى الظروف من أجل البقاء فقط. وهذا يفتح الطريق أيضا لأغراض الاستغلال الجنسي.
"والسؤال الأهم هو لماذا لا تفتح مخيمات اللاجئين للرصد المدني. ولا يسمح بالدخول إلى مخيمات اللاجئين. فالمخيمات ليست شفافة. ولذلك فإننا نشعر بالقلق إزاء ما يخبئون عنا".
وأخبر ممثل  عن منظمة إدارة الطوارئ والحروب التركية مركز جيتيسون أن "مراكز الإيواء شفافة. إذا كانت إحدى المنظمات ترغب في دخول تلك الأماكن، يقدمون لنا طلبا، ونحن ندرس طلباتهم. الآلاف من وسائل الإعلام  دخلت حتى الآن مراكز الإيواء لتصوير واقع اللاجئين واستكشاف الحياة في نفوسهم".
وقال  رئيس منظمة موزليمدير لللاجئين المحامي عبد الحليم يلماز أن "عدد اللاجئين الحالي هو بالفعل مرتفع جدا"، . وأضاف "لكن العديد من الدول العربية، بما فيها المملكة العربية السعودية والبحرين، لم تأخذ لاجئا سوريا واحدا حتى الآن. وهناك عشرات الآلاف من اللاجئين الذين ينتظرون على الحدود التركية".
لو عرف هؤلاء النساء والأطفال ما كان ينتظرهم في تركيا، لما تجرأوا على القدوم إلى تركيا.
هذه هي النتيجة الحتمية عندما لا تحمي الثقافة الحضارية حقوق المرأة. وبدلا من ذلك، تصبح ثقافة الاغتصاب والاستعباد والاستغلال والتمييز التي غالبا ما تستغل الطرف الأضعف.
ويتجسد الرعب في أن تركيا هي البلد التي يعول عليه الاتحاد الأوروبي في "حل" مشكلة خطيرة كاللاجئين والمهاجرين.
ويتعين على المجتمع الدولي لحماية السوريين، مساعدة أجزاء من البلاد بحيث لا يضطر أكثر الناس لمغادرة منازلهم ليصبحوا لاجئين أو طالبي لجوء في بلدان أخرى. وربما يعود الكثير من السوريين إلى ديارهم.
والغرب فتح دائما ذراعيه للكثير من الأفراد المحاصرين في الدول الإسلامية (مثل الأفغاني "سعيد برويز" الطالب والصحافي الذي يبلغ من العمر 25 عاما، الذي تعرض للضرب ونقل إلى السجن، وحكم عليه بالإعدام في عام 2007 لتحميله تقرير عن حقوق المرأة على الإنترنت.
وكانت السويد والنرويج اللتان ساعدتا " برويز" في الفرار من أفغانستان في عام 2009 عن طريق مساعدته على الوصول إلى طائرة للحكومة السويدية.
وأصبحت العديد من الدول الأوروبية ضحايا عمليات الاغتصاب والقتل وغيرها من الجرائم التي ارتكبها الناس الذين دخلوا القارة كلاجئين أو طالبي لجوء أو مهاجرين.
أوروبا تمر بمشكلة أمنية، كما رأينا في الهجمات الإرهابية في باريس وبروكسل. كثير من المسلمين لديهم صعوبة في الاندماج مع الثقافة الغربية. يبدو أن الكثيرين منهم لديه ثقافة التخويف والاغتصاب والاعتداء الذي فر منها في المجتمعات التي كان يعيش فيها.
سيكون أكثر عدلا وواقعية إذا تحملت البلدان الإسلامية التي تشترك في نفس الخلفية اللغوية والدينية لللاجئين السوريين (والتي من المفترض أن تكون أكثر تحضرا وإنسانية من تركيا) على الأقل بعض المسؤولية في رعاية واستقبال الإخوة والأخوات المسلمات. وعلى الرغم من هذه المعاناة، فالدول العربية الغنية لا تبذل أي جهد في استقبال اللاجئين.
لم نر أي مظاهرات مع لافتات كتب عليها "مرحبا باللاجئين"، فالناس في هذه الدول يعرفون أن اللاجئين سيجلبون معهم  المشاكل سواء على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي. وبالنسبة للكثير من الرجال المسلمين مثل الأغنياء السعوديين ، فمن الأسهل عليهم شراء الأطفال السوريين من تركيا وسوريا والأردن كعبيد .
النساء والفتيات بالنسبة للكثيرين في بعض الدول لا يستحقون أن يعاملوا معاملة إنسانية. وهن عبارة عن أداة للجنس ولا قيمة لها كأرواح وكرامة. السوريون هناك لسوء المعاملة والاستغلال. الطريقة الوحيدة التي يمكن أن نفكر في مساعدة النساء هي "الزواج" منهن.