تصعيد بين اليمن والسعودية بانتظار خيارات صعبة
تسارعت الاحداث التصعيدية خلال الساعات الاخيرة في اليمن ما جعل الآمال بالسلام تبتعد، فيما تواجه السعودية خيارات صعبة بعد تحميلها مسؤولية القصف الذي اودى بحياة 140 شخصا في صنعاء.
وبعد أقل من يومين على اتهام الحوثيين للتحالف العربي بقيادة السعودية بتنفيذ غارة على قاعة للمناسبات في صنعاء اوقعت 140 قتيلا و525 جريحا، اتهمت الرياض الاثنين الحوثيين بتنفيذ هجوم على مدمرة أميركية في البحر الاحمر.
وكانت القيادة الوسطى للبحرية الاميركية اعلنت الاثنين ان صاروخين أطلقا من مناطق يسيطر عليها المتمردون الحوثيون وحلفاؤهم في اليمن، سقطا الاحد على مقربة من مدمرة "يو اس اس مايسون" التابعة لها في البحر الاحمر دون ان يتسببا بأضرار.
والحادث هو الثاني من نوعه في عشرة ايام، اذ تعرضت سفينة اماراتية مطلع تشرين الاول/اكتوبر الجاري لاطلاق صاروخ قبالة اليمن، في هجوم اعلن المتمردون الحوثيون وحلفاؤهم مسؤوليتهم عنه.
وجاء في بيان للقيادة الاميركية "قرابة الساعة السابعة مساء بالتوقيت المحلي (1600 ت غ)، وبينما كانت تنفذ عمليات روتينية في المياه الدولية، رصدت +يو اس اس مايسون+ صاروخين قادمين باتجاهها خلال فترة زمنية تمتد 60 دقيقة، بينما كانت في البحر الاحمر قبالة ساحل اليمن".
واكدت ان "الصاروخين اصطدما بالمياه" قبل اقترابهما من السفينة، من دون ان يتسببا باي اضرار.
ورجحت البحرية ان يكون الصاروخان "اطلقا من مناطق يسيطر عليها الحوثيون" المتحالفون مع القوات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، والذين يسيطرون على صنعاء منذ ايلول/سبتمبر 2014، اضافة لمناطق اخرى على الساحل الغربي المطل على البحر الاحمر.
الا ان وكالة "سبأ" التابعة للحوثيين نقلت عن مصدر عسكري مسؤول لم تسمه، نفيه "استهداف القوة الصاروخية للجيش اليمني واللجان الشعبية لاي بارجة قبالة السواحل اليمنية"، معتبرا ان هذه الاخبار "مغلوطة ولا اساس لها من الصحة".
ولاحقا، نقلت وكالة الانباء السعودية عن مصدر مسؤول قوله ان السعودية "تدين وتستنكر بشدة هجوم ميليشات الحوثي وصالح ضد المدمرة التابعة للبحرية الأميركية".
وكان التحالف العربي بقيادة السعودية اعلن ليل الاحد الاثنين اعتراض صاروخ اطلقه المتمردون اليمنيون باتجاه مدينة الطائف في جنوب المملكة.
وجاءت هذه التطورات بعد الغارة التي استهدفت السبت قاعة كانت تقام فيها مراسم عزاء بوالد وزير الداخلية اليمني الموالي للمتمردين جلال الرويشان في صنعاء.
وتحدث الحوثيون عن "مجزرة"، واثارت الصور المروعة للضحايا ردود فعل غاضبة في العالم.
واعلن التحالف العربي عزمه فتح تحقيق في القصف نافيا مسؤوليته عنه، بينما قالت واشنطن الداعمة للتحالف انها ستجري "مراجعة فورية" لتعاونها معه.
في المقابل، دعا الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح اليمنيين للقتال على الحدود مع السعودية.
وقال "آن الاوان وحانت ساعة الصفر ان ادعو كافة ابناء القوات المسلحة والامن واللجان الشعبية (...) الى جبهة القتال، الى الحدود، للاخذ بالثأر، للاخذ بثأر ضحايانا".
- الامم المتحدة تدعو الى تسريع التحقيق -
ودعا المبعوث الخاص للامم المتحدة الى اليمن اسماعيل ولد الشيخ احمد الاثنين الى نشر نتائج التحقيق الذي يجريه التحالف العربي "على وجه السرعة".
وقال ولد الشيخ أحمد في ختام لقاء مع وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت في باريس "ينبغي فعل كل شيء من اجل احالة مرتكبي هذه الهجمات الشنيعة الى القضاء".
ودعا ايرولت "التحالف الى نشر نتائج التحقيق فور الانتهاء منه".
في نيويورك، دعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الاثنين الى تشكيل هيئة مستقلة للتحقيق في انتهاكات حقوق الانسان في اليمن.
وقال لصحافيين "يجب محاسبة التصرفات المروعة في هذه الحرب باكملها (...) اني احث مجلس حقوق الانسان على القيام بواجبه والتحرك".
وفي نهاية ايلول/سبتمبر، دفعت دول اوروبية على راسها هولندا باتجاه استصدار قرار لتشكيل هيئة تحقيق دولية.
وفي النهاية، تم التخلي عن القرار الذي دعمه الاتحاد الاوروبي لينتهي المجلس الى تبني نص خفيف اعده السودان.
وعارضت السعودية بشدة اجراء مثل هذا التحقيق.
وقال بان كي مون ان الغارات التي استهدفت مجلس العزاء السبت "هجوم وحشي على المدنيين وانتهاك مشين للقانون الانساني الدولي".
وادى النزاع في اليمن الى مقتل اكثر من 6700 شخص، بحسب حصيلة اوردتها الامم المتحدة في وقت سابق هذا الشهر.
منعطف يقلل فرص وقف اطلاق النار
وتعد حصيلة الغارة على صنعاء من الاعلى منذ بدء عمليات التحالف قبل 18 شهرا. وجاءت فيما تواجه الرياض منذ اشهر انتقادات متزايدة من اطراف دوليين على خليفة ارتفاع حصيلة القتلى المدنيين في النزاع الذي يكبد المملكة ايضا كلفة مالية ضخمة.
وترى الخبيرة في الشؤون اليمنية في مجموعة الازمات الدولية آبريل لونغلي آلي ان القصف الاخير على صنعاء سيشكل "منعطفا" في مسار النزاع "ويقضي بشكل شبه كامل على اي امل في وقف لاطلاق النار".
وشهد الوضع الميداني في اليمن تصاعدا متجددا في حدته منذ مطلع آب/اغسطس الماضي، اثر تعليق الامم المتحدة مشاورات سلام في الكويت بين طرفي النزاع، لم تؤد الى نتيجة منذ بدئها في نيسان/ابريل.
وبدأ التحالف عملياته في اليمن نهاية آذار/مارس 2015، مستهدفا بالغارات الجوية مواقع ومناطق الحوثيين، خصوصا صنعاء. وبعد اشهر، وسع التحالف عملياته لتشمل تقديم دعم ميداني مباشر لقوات هادي، ما مكنها من استعادة خمس محافظات جنوبية ابرزها عدن.
الا ان الحوثيين وانصار صالح لا يزالون يسيطرون على صنعاء ومناطق في الشمال والوسط.
من جهة أخرى، افادت مصادر عسكرية الاثنين عن مقتل ثلاثة عناصر من القوات الحكومية وجرح اربعة في "غارة جوية للتحالف العربي عن طريق الخطأ" عند الحدود بين محافظتي ابين (جنوب) والبيضاء (وسط).
وتسيطر القوات الحكومية على ابين، في حين يسيطر الحوثيون على معظم ارجاء البيضاء. واوضحت المصادر العسكرية ان الغارة استهدفت موقعا استحدثته القوات الحكومية في جبل ثرة.
المصدر: أ ف ب