تصعيد وضغط غربي حول سوريا.. وموسكو تواصل ضرب "داعش" و"النصرة"

17.10.2016

رغم محاولات التصعيد وحدة الخطاب الغربي، غداة اجتماعَي لوزان ولندن، إلا أن المضامين المهمة في تصريحات وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والبريطاني بوريس جونسون، تحمل الكثير من الدلالات التي ليس أقلها التسليم بالسيطرة السورية ـ الروسية على حلب الشرقية، وصولا إلى التأكيد من العاصمة البريطانية، الأكثر التصاقا بالحليف الأميركي، أن ما مِن قرعٍ لطبول الحرب في القارة الأوروبية.

رفع وزير الخارجية الأميركية سقف الانتقادات للدور العسكري الروسي في سوريا إلى حد تشبيه المعركة في حلب، بما فعلته موسكو في إنهاء تمرد غروزني عندما سحقت سلسلة من حركات شيشانية انفصالية قادها عتاة المقاتلين من القوقاز والجهاديين من العرب وغيرهم في سنوات حكم بوريس يلتسين ثم فلاديمير بوتين الذي حسم المواجهة عسكريا معهم.

لكن اجتماعات على مدى يومَين ما بين لوزان ولندن، ويتوقع ان تستكمل اليوم، بدت عاجزة عن الخروج بصيغة تسوية، على الرغم من التلويح الأميركي – البريطاني مجددا بخيار فرض عقوبات على كل من موسكو ودمشق، لا بل إن الوزيرَين، كيري وجونسون، ظهرا في لحظة انسجام سياسي، ليراهنا على "عقلانية" السياسة الروسية للقيام بخطوات نحو التسوية، تنم عن مسؤولية القيادة، في محاولة متجددة من الحليفَين الأميركي والبريطاني، لإغراء الروس نحو ما رفضته موسكو مسبقا: إنهاء المعركة مع الفصائل المسلحة في شرق حلب، أو التراجع عن تحالفها مع دمشق في خوض المعركة الكبرى للدفاع عن نفوذها السوري والإقليمي عموما.

وبكل الاحوال، بدا اجتماع لوزان يوم السبت أكثر اتزانا من التصريحات النارية نسبيا التي خرجت عن اجتماع لندن الأحد، إذ شارك في الأول، بالإضافة الى روسيا ودول غربية والسعودية وتركيا، إيران والعراق ومصر، ما أضفى ديبلوماسية أقل حدية على المشاورات، فيما ندرت التصريحات التي خرجت من المشاركين فيه، عشية اجتماع لندن، بمشاركة تسع دول من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا والولايات المتحدة والسعودية.

وتطرق كيري إلى فكرة فرض عقوبات، مؤكداً أن واجبه وواجب نظيره البريطاني "استنفاد" جميع الخيارات الديبلوماسية. وتابع: "دعوني أوضح أمراً، نحن ندرس إمكانية فرض عقوبات إضافية، كما أن الرئيس (باراك) اوباما لم يستبعد أي خيار عن الطاولة"، مضيفاً: "نحن نناقش كل آلية متوفرة لنا، ولكنني لم ألحظ رغبة كبيرة لدى أي أحد في أوروبا لخوض حرب، لا أرى برلمانات الدول الأوروبية مستعدة لإعلان الحرب".

وقال كيري: "أجرينا مباحثات صريحة مع الروس والإيرانيين في لوزان بشأن سوريا"، لكنه أشار إلى أن موسكو تدفع باتجاه حل شامل في سوريا "يشبه الحسم الذي فرضته على غروزني في الشيشان"، موضحا أن "بإمكان موسكو أن تظهر وقفاً لإطلاق النار بشكل يظهرها بمظهر الطرف الدولي المسؤول"، مشيراً إلى أن نشر روسيا صواريخها في سوريا يرفع من مخاطر المواجهة، قائلاً: "على روسيا والنظام السوري إدراك أن سقوط حلب لا يعني انتهاء الحرب".

من جهته، شدد وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون على أنه يجب العمل على فصل "جبهة النصرة" عن "المعارضة" في حلب، معرباً عن اعتقاده بأنه ليس بمقدور الحكومة السورية وموسكو الانتصار في المعركة. ووجه الدعوة لروسيا وإيران لإظهار روح قيادية وصولا إلى إنهاء الصراع.

وقال جونسون: "نبحث مع واشنطن فرض عقوبات على روسيا والحكومة السورية بسبب حلب"، مضيفاً أن الروس يشعرون بالضغط و"من الضروري أن نواصل الضغط، وتوجد الكثير من التدابير التي نقترح عملها مع مزيد من العقوبات على النظام السوري ومؤيديه وتدابير لإحالة المسؤولين عن جرائم الحرب إلى المحكمة الجنائية الدولية".

وأضاف: "هذه الأمور ستعود بالضرر على مرتكبي هذه الجرائم وينبغي أن يفكروا في الأمر الآن"، وتابع أنه لا توجد رغبة في أوروبا "لخوض حرب" في سوريا.

بدوره، قال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت بعد انتهاء الاجتماع، إن وقف قصف حلب شغل الحيز الأكبر من المحادثات، مضيفاً: "نرى أن للنظام (السوري) والدعم الروسي أهدافا أخرى".

وتابع: "نحن دائما على استعداد للتحدث إلى الروس والإيرانيين، لكننا نطلب أن يكون وقف القصف شرطا مسبقا"، مضيفاً: "تطرقنا إلى العديد من المبادرات ولم ننتهِ منها، لكن هناك إجماعا واسعا على ضرورة ممارسة ضغوط (لوقف القصف)".

كم جانبها، أوضحت وزارة الخارجية الروسية بعض ما جرى في مفاوضات لوزان التي شارك فيها إلى جانب روسيا والولايات المتحدة كل من قطر والسعودية وتركيا ومصر وإيران والعراق والأردن والمبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا.

وذكرت الوزارة في بيان أنه "تم تأكيد التزام كل المشاركين في اللقاء بالحفاظ على سوريا كدولة موحدة مستقلة علمانية يحدد السوريون أنفسهم مستقبلها من خلال حوار سياسي يجمع كل الأطراف"، مضيفة أن "هذا يتطلب العمل المناسب من قبل كل المشاركين في اللقاء مع القوى الموجودة في سوريا، ومن الضروري فهم أن العمليات ضد إرهابيي داعش والنصرة ستستمر".

وتحدث كيري عن "أفكار جديدة" يُفترَض أن يتم توضيحها في الأيام المقبلة لمحاولة التوصل إلى وقف جديد لإطلاق النار أكثر متانة من الهدنات السابقة، قائلاً: "هناك أفكار كثيرة يجب التعمق بها سريعا على أمل أن تساهم في حل المشكلات التي تعوق تطبيق وقف إطلاق النار السابق".

إلى ذلك، أوضح مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية حسين جابري أنصاري أنه تم خلال الاجتماع (لوزان) بحث مواضيع الهدنة وأسباب انتهاكها، وفرز التنظيمات الإرهابية خاصة "جبهة النصرة" و"داعش" عن سائر التنظيمات، والمسارعة في إرسال المساعدات الإنسانية.

المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد أوضح لوكالة "سبوتنيك" أن بعض الأطراف المشاركة في الاجتماع تخشى أن تفقد تأثير الجماعات المسلحة التي تدعمها على الأرض، موضحاً أنه تم بحث ثلاثة أمور أساسية وهي إيصال المساعدات الإنسانية وإطلاق العملية السياسية من دون شروط مسبقة وفصل التنظيمات الإرهابية عن "المعارضة المعتدلة".