ترامب رئيسا.. الأزمة السورية إلى أين؟

09.11.2016

بعد فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بمنصب رئاسة الولايات المتحدة، قد تشهد الأزمة السورية تغيرات ملحوظة في مساراتها، وقد تنقلب سياسة واشنطن في الشرق الأوسط رأسا على عقب، في حال قام الرئيس الجديد، بتنفيذ وعوده أثناء الحلة الإنتخابية.

وأسفرت سياسات أوباما في الشأن السوري، عن فشل الاتفاقات الروسية الأمريكية حول وقف القتال بحلب والتنسيق في محاربة الإرهاب. كما علقت واشنطن مشاركتها في المفاوضات بشأن سوريا بانتظار ما ستسفر عنه الإنتخابات الرئاسية، التي كان الجميع يتوقع فوز كلينتون بها.

وقد أكد ترامب أكثر من مرة خلال حملته الإنتخابية، أن أولوياته بشأن الشرق الأوسط، تضع على رأس القائمة مكافحة الإرهاب، إذ قال في المناظرة الثانية مع منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون إن الرئيس السوري بشار الأسد "رجل سيئ" لكنه يجيد "قتل الإرهابيين".

وقد شرح ترامب موقفه من سوريا بشكل أكثر وضوحا في مقابلة مع صحيفة "الغارديان" البريطانية، نشرت يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول، شدد فيها على ضرورة تركيز اهتمام واشنطن على معالجة القضايا الداخلية، بدلا من "بناء دول" في الخارج.

وأوضح ترامب في تلك المقابلة، أنه على الرغم من تحفظاته بشأن خيار التدخل العسكري، إلا أن "هناك حالات معينة عندما نرى جرائم مروعة.. بما في ذلك (ما يفعله) داعش".

وأكد ترامب أنه مستعد لاستخدام القوة العسكرية في بعض الحالات – "عندما تكون هناك قضية ويمكنك أن تحل هذه القضية"، مشككا في الوقت ذاته في جدوى الجزء الأكبر من التدخلات الأمريكية عبر العالم على مدى السنوات الأخيرة، بما في ذلك ما وصفه بأنه سياسة أوباما غير المدروسة في سوريا.

واستشهد ترامب بالتدخل الأمريكي العسكري لإسقاط صدام حسين، مشيرا إلى أن العراق اليوم "بات كارثة"، متوقعا سقوط البلاد تحت سيطرة إيران و"داعش"، واستنتج قائلا: "أعتقد أنه علينا أن نركز على أنفسنا".

وقال ترامب خلال المناظرة ردا على كلينتون التي هاجمت روسيا واعتبرت أن عمليتها العسكرية في سوريا لا تستهدف تنظيم "داعش" على الإطلاق، قال: "أنا لست معجبا بالأسد على الإطلاق، لكن الأسد يقتل "داعش". روسيا تقتل "داعش"، إيران تقتل "داعش". أما الآن فيقف الثلاثة في صف واحد بسبب سياستنا الضعيفة".

وفي مقابلة مع وكالة "رويترز"، شدد ترامب على أن هزيمة تنظيم "داعش" تحظى بالأولوية على إقناع الرئيس السوري بشار الأسد بالتنحي.

وأكد ترامب: "ما ينبغي لنا فعله هو التركيز على تنظيم داعش، لا يجب علينا أن نركز على سوريا".

وقال إن الأسد أقوى بكثير الآن مما كان عليه قبل نحو ثلاث سنوات. وأضاف أن حمل الأسد على ترك السلطة أقل أهمية من هزيمة "داعش". موضحا "الأسد بالنسبة لي يأتي في الأولوية بعد تنظيم داعش".

كما شكك ترامب بتوجهات المعارضة السورية المسلحة التي تدعمها واشنطن، وحذر من أن ممثلي تلك المعارضة قد يكونوا موالين لـ "داعش".

وهاجم سياسة أوباما تجاه سوريا، باعتبار أنها تدعم "أشخصا لا نعرف هويتهم"، وحذر من أن هؤلاء "قد يكونوا" من "داعش" مشيرا إلى أن "الأسد سيئ، لكن هؤلاء الأشخاص قد يكونوا أسوأ منه".

وعن العملية العسكرية الروسية في سوريا، أكد ترامب قناعته بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "سيضرب داعش في سوريا لأنه لا يريد التنظيم أن يتوجه إلى روسيا".

وفي المقابلة مع "رويترز"، اعتبر ترامب أن خطة منافسته كلينتون حول سوريا التي تعد استمرارا لسياسة الرئيس المنتهية ولايته باراك أباما، "ستؤدي إلى حرب عالمية ثالثة" بسبب احتمال نشوب صراع عسكري مع روسيا.

وأضاف "أنت لم تعد تقاتل سوريا.. أنت تقاتل سوريا وروسيا وإيران .. حسنا، روسيا بلد نووي.. لكنها بلد يكون فيه السلاح النووي في مواجهة الدول الأخرى التي تتكلم".

كما أعرب ترامب في العديد من تصريحاته عن عزمه على بناء علاقات جيدة مع روسيا، بما في ذلك التعاون في محاربة الإرهاب.

ويبدو واضح أن العلاقات الروسية الأمريكية ستشهد تحسنا واضحا في عهد ترامب، وفي حال تنفيذه لوعوده وتوجهاته أثناء الحملة الإنتخابية، إلا أن العديد من الخبراء لا يستبعدون تعرض ترامب لضغوط داخل الإدارة الأمريكية، قد تثنيه عن نيته تغيير التوجهات السياسية للبلاد، خاصة في الشرق الأوسط، وفي العلاقات مع روسيا.

كما لا يستبعد أن يقوم الرئيس الحالي المنتهية ولايته، باراك أوباما، باتخاذ تدابير حادة تجاه روسيا أو سوريا، لتصعيد الأزمة، بشكل قد يحول دون التقارب الموعود، ولمنع ترامب من تغيير التوجهات السياسية الحالية لواشنطن.