تحت مظلّة النظام؟! أجل...

24.01.2017
مقال جدير بالقراءة عن مؤتمر الأستانة

تلك المظاهر السريالية التي تلعب في رؤوسنا. لكننا نعيش في الدوار الاستراتيجي. القاذفات الروسية جنباً الى جنب مع القاذفات التركية في الاغارة على مواقع تنظيم الدولة الاسلامية في محيط الباب. لا بد من أن يمد القيصر يد العون الى الباب العالي كي لا يسقط على ابواب مدينة الباب.

الأن، ومن الباب الى آستانا، لا يستطيع الكتاب والباحثون في المشرق العربي، والكثيرون منهم اكثر هشاشة من الورق الذي يكتبون عليه، القول ان الكرملين يقف ضد الإسلام السني ومع الإسلام الشيعي، كما لو انه لا يزال هناك إسلام (بالمعنى وبالافق القرآني) في هذا المستنقع الذي يمتد بنا الى العصر الحجري.
الإيرانيون ساخطون، رفضوا مشاركة واشنطن في محادثات الامس. كلام منطقي لكنه ليس واقعياً، أين هم الاميركيون في سوريا؟ دور ملتبس من البداية الى النهاية، ولكن اليس الدور التركي اكثر فظاعة بكثير؟
الإيرانيون يسألون الى اين يمكن لفلاديمير بوتين ان يذهب مع رجب طيب اردوغان؟ ايران ضرورة روسية، تركيا ايضا، في ميزان الذهب من هي الاكثر حساسية على المستوى الجيوستراتيجي؟
الثابت ان الكرملين لن يتخلى عن علاقته مع ايران. الروس يشتكون من الادمغة (اوالعمامات) الصعبة في طهران، لكنهم يعلمون ان هذه الادمغة بنت دولة قوية، وصلبة، رغم العقوبات الهائلة التي حملت جاك آتالي الذي لا يكن اي ود للايرانيين على القول و«حتى الان» لم نفهم أولئك الايرانيين الذين تنوء بهم الجبال».

حقاً، لا أحد فهم الايرانيين مثل باراك اوباما. كان يدرك اصرارهم على حيازة القنبلة النووية، وكان قد تناهى اليه من دنيس روس أن بنيامين نتنياهو تفوه أمامه بكلمات يمكن تركيبها بالسؤال التالي: الى كم قنبلة نووية تحتاج طهران؟

القيصر واثق من ان الإيرانيين لن يتخلوا عن علاقتهم معه، وهم الذين يدركون، بالتفصيل، ما كانت تنطوي عليه تلك الأرمادا العسكرية لتقويض النظام في سوريا. على وجه السرعة تدخلت القاذفات الروسية وقلبت المعادلة رأساً على عقب.
لا داعي البتة للتشكيك الايراني في نوايا الدببة القطبية. ليس صحيحاً ان فلاديمير بوتين يعد، بالشراكة مع الاتراك، لنظام بديل في سوريا. أي نظام بديل هو الفوضى وهو الخواء الذي له تداعياته الكارثية على الامن الاستراتيجي الروسي.
وقد يكون صحيحاً ما يقوله بعض الاوروبيين من أن بوتين يستدرج اردوغان الذي يدرك مدى الارتجاج الداخلي في بلاده، لكي يمد يده الى بشار الاسد.
الذي يثير الهاجس الايراني ان اردوغان بدأ بتنفيذ انقلاب ايديولجي في بلاده. قد لا نفاجأ ابداً بعد ان تظهر نتائج الاستفتاء حول النظام الرئاسي ان يأمر بازالة كل ما يمت بصلة الى كمال اتاتورك، شبح «الذئب الأغبر» يلاحقه حتى في فراشه. الايرانيون قلقون من ان تصبح اسطنبول نقطة استقطاب (مركز الخلافة) لغالبية المسلمين في العالم.

واذا كان ديفيد بولوك قد وصف إيران بالذراع الحديدية للقيصر، تبدو تركيا وكأنها (باتت) الذراع الذهبية. العالم التركي الذي يمر بأذربيجان وتركمانستان وتركستان الشرقية (سينغيانغ الصينية)  يمتد الى عمق القوقاز، أي الى داخل الاتحاد الروسي.
التفاهم الاستراتيجي مع اردوغان الذي لم يعد يثق بالغرب (ريثما تتبلور سياسات دونالد ترامب) لا يريح موسكو فحسب، بل يتيح لها ان تراقص الاميركيين بخطوات واثقة، ليس فقط حول قواعد النظام الاقليمي، بل وايضاً حول قواعد النظم الدولي.
ماذا يعني أن يكون للقيصر حليف على اليمين هوا يران وحليف على اليسار هو تركيا، وان كان الروس يتوجسون من جهة حيال دفع رجب طيب اردوغان بلاده نحو النظام الاسلامي الكامل (تغيير دراماتيكي في مناهج التعليم)، ومن جهة اخرى من «اللحظة العسكرية». الإستخبارات الروسية لا تستبعد ابداً وقوع انقلاب مفاجىء قد يؤدي الى تبدل كامل في المشهد.
مؤتمر استانا ليس أكثر من ملهاة، لنتصور محمد علوش وهو يقارع بشار الجعفري، أين هو التوازن النوعي، في هذه الحال، بين النظام والمعارضة؟
يقال في الاروقة الخلفية ان محادثات كازاخستان ليست سوى ستار زجاجي لتحول تركي يفضي الى مصالحة كبرى في سوريا، تحت مظلة النظام؟ أجل.