أسرار فرنسيّة من الحرب السوريّة

photo from: http://www.syria-scope.com
06.03.2017

جولة داخل الادمغة الفرنسية. بعيداً عن اللغة التلمودية للفيلسوف برنارد - هنري ليفي الذي فوجئنا بموقفه من «الفرعون الاميركي» اي من دونالد ترامب الذي كان يفترض به ان يشد على يد بنيامين نتنياهو ليقول ان المحرقة الايرانية او الهولوكوست الايراني آتٍ لا محالة.

ما على الفرعون الذي يشكك ليفي بصدقيته الا ان يأمر وزير دفاعه الجنرال جيمس ماتيس يتوجيه بضعة صواريخ عابرة للقارات الى ايران.

الفيلسوف الفرنسي الذي لعب بالكثير من رؤوس العرب، وغرائز العرب، يلاحظ كيف ان الايرانيين الذين جمدوا، بصفقة كبرى, البرنامج الذي يوصلهم الى القنبلة النووية، ابدلوا ذلك ببرنامج اشد هولاً. مئات آلاف الصواريخ، بالرؤوس المتفجرة، والجاهزة لتدمير مدن اسرائيل في غضون ساعات.

ليفي تحدث كثيراً، وفي اكثر من بلاط، عن نقطته التقاطع بين الهيستيريا الايديولوجية والهيستيريا الاستراتيجية لدى آيات الله. في نظره، يفترض اقامة القوس المقدس بين الكعبة وهيكل سليمان.

على هذا الوتر لعب كثيراً الحاخام الاميركي شمولي اوبوتيتش الذي حث نتنياهو على بذل جهود اكثر فاعلية، واكثر شفافية، لتشكيل تحالف شرق اوسطي،  للاطباق على ايران، ولو استدعى ذلك تدميرها نووياً.

اذاً، جولة في الابحاث الاستراتيجية الفرنسية التي بعضها يرى انه لولا فلاديمير بوتين «لرأينا احدهم وقد علّق لوحة على بوابة الشرق الاوسط: هنا جهنم».
في هذه الدراسات ان الاتراك والايرانيين يخلطون كثيراً بين التاريخ والايديولوجيا. قد يكونون الان اكثر وعياً بالاحتمالات لان الصواريخ حلت محل الاحصنة، ولان القاذفات حلت محل العربات التي تجرها البغال. الجنرالات لا يبتهلون الى السماء بل يحاولون ان يقتنوا، وبأي ثمن،  الاسلحة الاكثر فتكاً.

الاتراك لا يريدون لاسطنبول ان تتحول الى حطام، مع ان الجانب الايديولوجي من شخصية رجب طيب اردوغان لا يمكن ان يكون خالياً من البعد العدمي، والايرانيون يعشقون اصفهان. بدورهم يخشون سقوط كل التراث بل وكل شيء في لحظة قاتلة...
باحثون فرنسيون ويتحدثون عن العلاقة الاستراتيجية الملتبسة بين انقرة وطهران. ثلاثة ارباع سوريا لتركيا وثلاثة ارباع العراق لايران. الملاحظ ان الباحثين الغربيين، بوجه عام،لا ينظرون الى العرب كشركاء في اعادة رسم الخرئط. هم اما في موقع الضحية او في موقع التواطؤ.

بعض الباحثين يعتقدون انه كان من المستحيل الا يشهر التاريخ انيابه مجدداً ويحدث الصدام بين تركيا وايران. حرب اقليمية كبرى، ومن يربح فيها. زبغنيو بريجنسكي يرى في الدولتين ارهاقاً للاستراتيجية الاميركية التي تفضل اللعب على مسرح القبائل لا على مسرح الامبراطوريات.
اكثر من ذلك، كان بنيامين نتنياهو يخطط لاختراق سوريا، وصولاً الى دمشق, كما فعل ارييل شارون لدى اجتياحه لبنان عام 1982. الحجة «ان آيات الله باتوا على حدودنا». هل حقاً ان باراك اوباما كان يدرك الى اين يريد نتنياهو ان يذهب فوقّع الاتفاق النووي مع ايران ليرسي واقعاً جديداً في المنطقة يحول دون الانفجار الكبير (البيغ بانغ).

هذه مسألة قابلة للنقاش. الباحثون الفرنسيون الذين يستندون الى معطيات استخباراتية موثوقة يؤكدون ان الكرملين تدخل في سوريا في اللحظة الحاسمة.

الايرانيون كانوا يعلمون بذلك وابلغوا الروس بأنهم لن يقبلوا بسقوط بشار الاسد بالدبابات الاسرائيلية، او بأي دبابات اخرى كانت قد بدأت تظهر على الحدود، ولو اضطرهم الامر لاشعال كل الشرق الاوسط.

الفرنسيون يقولون اذا فتحت الملفات السرية للحرب السورية فسنكون امام حقائق راعبة. القيصر اعاد ضبط الايقاع. الايرانيون يجب ان يحيوه بعمائمهم والاتراك بطرابيشهم.

اين الاميركيون في هذه الحال؟. في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون ظهرت نظرية «الرجل المجنون». لابد من شيء من الجنون في الاستراتيجية الاميركية. باراك اوباما حاول ان يحد منها بالقيادة من الخلف. ماذا عن دونالد ترامب؟ الايام آتية .لكأننا امام احد الاستعراضات الكبرى في لاس فيغاس.

رجل مجنون في زمن مجنون....