أساليب الحرب الإعلامية والتضليل
تتنوع أساليب التأثير المعلوماتي على الإنسان. ويورد كثير من الباحثين تصنيفاتهم الخاصة لأساليب حرب المعلومات، ومع ذلك، فإن الشرح الأكثر وضوحا ودقة، قدمه دكتور العلوم السياسية، الأستاذ في الأكاديمية الدبلوماسية التابعة لوزارة الخارجية الروسية، إيغور بانارين. فمن العديد من الحملات والفعاليات والأنشطة، ركز على الأساليب التالية:
"التنابز بالألقاب والنعوت" هذا الأسلوب يتحدد في اختيار النعوت المسيئة، والألقاب، والتسميات، للإشارة إلى شخص أو مؤسسة أو فكرة، أو ظاهرة اجتماعية. هذه "النعوت" تستحضر في ذهن المجتمع انطباعا سلبيا، وترتبط في تفكيره بالأفعال المنحطة، وبالتالي تستخدم لتشويه سمعة شخص أو جهة أو فكرة أو اقتراح أو منظمة أو فئة اجتماعية أو موضوع في نظر الجمهور.
"النقل" أو "التحويل"، وجوهر هذا الأسلوب يكمن في أنه ماهر، غير مزعج وغير ملحوظ لمعظم الناس. ويتم عبره نشر سلطة وهيبة شخص أو جهة موضع تقدير واحترام، لتغطي الشخص أو الجهة أو الفكرة التي يروج لها المصدر. عبر استخدام أسلوب "النقل أو التحويل" الذي يرسم انطباعا لدى المجتمع، يرتبط بالكيان أو الشخص أو الشيء ذو القيمة والأهمية لدى الغالبية.
"الإشارة إلى جهة موثوقة"، مضمون هذه الطريقة، يكمن في اقتباس تصريحات وآراء أفراد من ذوي الهيبة والاحترام، أو العكس، بحيث يؤدي الاقتباس إلى رد فعل سلبي لدى فئة من الناس المستهدفين. والهدف هو إقامة علاقة ثقة مع الجمهور. وهذه الجهات ذات السلطة والهيبة، ممكن أن تكون سياسيين معروفين، فنانين، ممثلين مشهورين ورجال الأعمال أو أساتذة مؤسسات التعليم العالي. وليكون هذا الأسلوب فعالا، من الضروري توفر العوامل التالية: ثقة الجمهور بالجهة المقتبسة، شهرتها، ومهاراتها المهنية العالية، وشخصيتها، والمنصب الرسمي العالي (في الماضي أو الحاضر)، وقربها من المجموعة المستهدفة.
"المراوغة" أو "خلط الأوراق"، مضمون هذه التقنية يكمن في اختيار وتقديم الحقائق والحجج الإيجابية أو السلبية فقط، وفي الوقت نفسه، تجاهل الحجج والمواقف المناقضة. والغرض الرئيسي، لاستخدام المعلومات والحقائق والأدلة والحجج، لرأي واحد، أو العكس، هو إظهار جاذبية أو عدم قبول وجهة النظر أو البرامج أو الأفكار.
"حافلة المجتمع" عند استخدام هذه التقنية، يتم اختيار مجموعة من الأحكام والجمل والعبارات، التي تتطلب الثبات على نوع من السلوك، وخلق انطباع بأن الجميع يفعلون ذلك.
"التأثير المعاكس" وهو يتم عبر نشر كمية كبيرة من المعلومات السلبية عن شخصية ما، بحيث أن هذه المعلومات تؤدي إلى نتائج عكسية، وبدلا من إدانة الشخص أو الجهة، يبدأ الجمهور بالشعور بالشفقة تجاهه.
"مبدأ التناقض" عبر تقديم معلومة على خلفية معلومة أخرى.
"نصف الحقيقة" ويتم عبر نشر جزء من المعلومات الموثوقة.
"السخرية"، وعند استخدام هذه الطريقة يمكن تعريض شخص ما للسخرية، كما يمكن السخرية من الآراء والأفكار والبرامج والمنظمات وأنشطتها، وجماعات مختلفة، يدور الصراع ضدها. اختيار الجهة محل السخرية، يتم تبعا للغرض والمعلومات المحددة والحالة التواصلية. هذا يجعل من الممكن تحقيق وتعزيز المعلومات وتأثيرها النفسي على الجمهور المستهدف.
"الشائعات" وهي أحدى تقنيات حرب المعلومات. وهناك شروط للطبيعة الاجتماعية والنفسية، التي تؤدي إلى انتشار الشائعات بين الناس. واستخدام المعلومات الخاطئة، الأسلوب هذا ذو تأثير قصير الأمد، يكون ملحوظا في الفترة التي تستخدم فيها الشائعات، وفي ظل ظروف نقص المعلومات.
"الاستفزاز" باعتباره أحد تقنيات حرب المعلومات. يتم استخدامه في ظل غياب أو عدم كفاية الأحداث التي يمكن أن تكون بمثابة حدث معلوماتي حول هذا الموضوع، ويتم حينئذ خلقها بشكل متعمد.
"الإستحواذ" على الفضاء الاعلامي، وهذه التقنية تكمن في أن المؤسسة الإعلامية تظهر في الفضاء الاعلامي لجميع المؤسسات، وفي الوقت نفسه، لا تسمح بدخول أي مؤسسة في مجالها. وبهذا، ينشأ لدى المتلقي انطباع بأن معلومات هذه المؤسسة هي فقط الصحيحة والحقيقية.
"التصريحات التأكيدية"، عبر نشر البيانات المختلفة، والتي يتم عرضها كأمر واقع وعلى أنها حقائق، في حين أن القصد هو أن هذه التصريحات بديهية ولا تحتاج لبرهان. ويمكن لهذه البيانات أن تكون على حد سواء موثوق بها أو لا.
"الدعاية المُجبِرة"، حيث يتم استخدام الكلمات والتعبيرات بصيغة الأمر. على سبيل المثال، غالبا ما تستخدم الحملات الانتخابية منشورات تحمل شعار: "صوت لصالح" و"اختاروا".
"الرفض العام"، ويستخدم لخلق وهم عدم الموافقة على إجراءات معينة من جانب الرأي العام. الهدف الرئيسي لهذا الأسلوب هو خلق صورة سلبية عن مرشح أو مجموعة. غالبا ما يتم تنفيذ هذا الأسلوب عن طريق اختيار التصريحات المختلفة "لجماعات الضغط"، و"الممثلين" من مختلف طبقات السكان، واستطلاعات الرأي المختلفة.
"النفي المباشر"، والأسلوب يكمن في الرفض المباشر لجميع العناصر الدعائية الأخرى.
"التجاهل". وهو يتألف من تجاهل آراء وجهات أخرى، ويقوم على افتراض أن الموضوع السلبي، يبقى في الأذهان، ويجلب المزيد من الضرر بالمقارنة مع الموضوع الذي يظهر لفترة قصيرة. هذا الأسلوب هو الأكثر فعالية في حالة المواضيع التافهة والموارد القليلة من ناحية نشر وتطوير الحدث، وكذلك في حالة الموثوقية العالية للمعلومات السلبية.
تشارك العديد من وسائل الإعلام الأوروبية بنشاط في هذه الهجمات المعلوماتية، وبذلك تشارك في تدمير الأخلاق والآداب العامة لدى جيل الشباب وقتل آخر بقايا بشرية لدى الجيل الشاب.
"انتهاك العلاقات المنطقية والزمنية بين الأحداث"، وهذا يستخدم للحد من تأثير الجانب الآخر، فضلا عن خلق الأوهام فيما يتعلق ببعض الاتجاهات والمواقف. على سبيل المثال، يتم منع استخدام حقائق وأحداث منفصلة، أو استخدامها لخلق خلفية سلبية ذات اتجاه السلبي بشكل عام.
"استبدال مصدر التصريح"، وتعمل هذه الطريقة باستبدال مصدر التصريح، لزيادة أو إنقاص الثقة تجاه الحدث. على سبيل المثال، للحد من الثقة في واقعة معينة، يتم استبدال المصدر الحقيقي بآخر لا يمكن تصديقه. على العكس من ذلك، يستخدم هذا الأسلوب من أجل تجنب الافتراضات و"التحيز"، وبالتالي لزيادة الثقة في الحدث يتم "الابتعاد" واقتباس أي مصدر مستقل.
"تشكيل المحيط"، هذه الطريقة تتم عبر تشكيل محيط خاص حول المعلومات أو حول واقعة معينة للحد من، أو على العكس لزيادة، تأثيرها أو درجة مصداقيتها. على سبيل المثال، إذا تم تقديم حدث ما أو واقعة في محيط من المعلومات الكاذبة، هذا يقلل من مصداقيته.
"التقليل من أهمية الموضوع"، وتستند هذه الطريقة على إحداث تحول في التركيز على تلك الأحداث والعناصر أو الموضوعات التي لها تأثير أقل سلبية، وعبر التطرق السريع والقصير أو "تجاهل" الموضوع، واستخدام تعليقات محايدة أو متناقضة.
"التصنيفات"، وهذه تتم عبر قيام "منظمة مستقلة" بإصدار لائحة الترتيب، على سبيل المثال، "تصنيف الفساد" أو "ترتيب مستوى دخل السكان"، وبالتالي تصبح قادرة على التأثير على الرأي العام في البلدان الأخرى، والتي تصدمهم النتائج المنشورة. ونتيجة لذلك، تتشكل لدى المواطنين الصورة النمطية اللازمة فيما يتعلق ببلد أو بآخر، ويمكن للسياسيين الاستمرار على الخط الذي يحتاجون إليه، بناء على معلومات مزورة ودعم الجمهور المخدوع.
"الإطار الأخلاقي". وينبغي إيلاء اهتمام خاص بهذه التقنية المدمرة التي تسمى أيضا بـ"نافذة اوفرتون". جوزيف أوفرتون شرح كيف أن أفكارا غريبة جدا عن المجتمع يتم جلبها من مجمع قمامة الازدراء العام، وغسلها، وفي النهاية تصبح قانونا ثابتا. ووفقا لـ"نافذة أوفرتون" لكل فكرة أو مشكلة في المجتمع، يوجد ما يسمى بـ"نافذة الفرص". في إطار هذه "النافذة" الفكرة يتم نقاشها أو عدم نقاشها على نطاق واسع، ودعمها علنا، وتعزيزها ومحاولة إثباتها عبر القوانين والتشريعات. "النافذة" يتم تحريكها، وبالتالي تتغير سمة المرحلة من "ما لا يمكن تصوره"، أي الفكرة البعيدة تماما عن الأخلاق الاجتماعية، والمرفوضة تماما، إلى سمة "السياسة الحالية"، اي الفكرة التي حصلت على مناقشة مستفيضة، ومفهومة في الوعي الجمعي ومعتمدة من قبله، ومنصوص عليها في التشريع.
اليوم هذه التكنولوجيا هي الأكثر خطورة، لأنها تسمح بإضفاء الشرعية على أي شيء، بما في ذلك أحط الرذائل البشرية: .. زواج المثليين، الاعتداء الجنسي على الأطفال، أكل لحوم البشر، وما إلى ذلك. الأمر يتعلق بالتجريد النهائي من الإنسانية، وتدمير القيم الاجتماعية التقليدية التي تربط كل البشر. العديد من وسائل الإعلام بالدول الأوروبية يشارك بنشاط في هذه الهجمات المعلوماتية، التي تسهم في تدمير الأخلاق والآداب العامة لدى جيل الشباب وقتل آخر بقايا البشرية فيهم.
الخطر الرئيسي للغالبية الساحقة من أساليب حرب المعلومات، هو أنها لا تسفر عن أعراض واضحة لآثارها المدمرة. ويتم إدخالها في الفضاء المعلوماتي في شكل خفي، لذلك أحيانا لا يشعر الناس بأنهم يخضعون لنوع من التأثير. ونتيجة لذلك، فإن المجتمع والأسوأ من ذلك، السلطات، لن يكون لديها أي شعور بالخطر، وبالتالي لن يتم إطلاق أي آلية حماية. يحدث هذا لعدد من الأسباب، أهمها، أولا وقبل كل شيء، جهل المواطنين وعدم وجود أي فكرة لدى السكان عن حرب المعلومات.
من خلال وسائل الإعلام، يتم تشكيل الرأي العام في بلد أو في مجموعة من البلدان بحيث أن أي عمل عسكري سيجد دائما الدعم من قبل شعوب هذه البلدان، وكذلك من قبل سكان الدول الأخرى. وربما يتم حسم معارك كثيرة عبر وسائل الاعلام.