موسكو وأنقرة متفقتان حول سوريا وباريس غاضبة وبرلين تسعى للتوفيق
بعد البرود الذي طغى على أروقة الديبلوماسية حول سوريا، وفشل جلسة مجلس الامن الدولي الاخيرة، وعلى وقع الرؤية التركية الروسية المشتركة حول ضرورة سحب مسلحي "جبهة النصرة" من حلب، أطلقت باريس مناورة دولية جديدة تهدف من خلالها للدفع نحو فتح تحقيق في جرائم حرب تتهم دمشق وموسكو بارتكابها.
كما كثفت برلين من محاولاتها السياسية لإيجاد ثغرة تعيد من خلالها إحياء اتفاق وقف اطلاق النار، فاقترحت توحيد المشروعين الروسي والفرنسي، اللذين صوت مجلس الأمن عليهما مؤخراً لوقف القتال في حلب، وفشل في تبني أي منهما.
ومن جهته، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من اسطنبول أنه اتفق مع نظيره التركي رجب طيب اردوغان على بذل كل ما يمكن لدعم مبادرة المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، لسحب مسلحي "النصرة" من شرق حلب، موضحاً أن روسيا وتركيا متفقتان على ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدينة السورية.
وشدد بوتين على أنه يجب الانتقال إلى التسوية السياسية في سوريا بأسرع ما يمكن، مضيفا أن كل من يرغب في إحلال السلام هناك يجب أن يدعمها.
وأضاف أنه أبلغ أردوغان باقتراح روسيا على الاميركيين إبعاد جميع القوى عن طريق الكاستيلو في حلب إفساحاً للمجال امام وصول المساعدات الانسانية إلى المدينة، معرباً عن أمله أن يصبح الاقتراح موضوعا للمناقشة يوم السبت في سويسرا.
وأوضح أنه تم الاتفاق على تعزيز التنسيق العسكري والاستخباري مع الاتراك، قائلاً: "بخصوص التعاون في المجال العسكري التقني، مستعدون لمواصلة مثل هذا التعاون وتكثيفه بمشاريع جادة ذات اهتمام مشترك".
بدوره، أكد اردوغان أن "مرحلة تطبيع العلاقات بين تركيا وروسيا ستتواصل بسرعة"، مشيرا إلى أن "التطورات الراهنة في المنطقة مسألة في غاية الأهمية. تمكنّا من تناول القضايا المتعلقة بسوريا بالتفصيل، وتحدثنا (مع بوتين) حول عملية درع الفرات، وإمكانيات التعاون في هذا السياق، كما أجرينا تقييماً حول حلب، والاستراتيجيات الممكن وضعها والعمل بها من أجل جلب السلام والاستقرار لسكان المدينة".
وأضاف أنه ونظيره الروسي أعطيا تعليماتهما لوزيري خارجيتيهما من أجل عقد اجتماع المجلس الاستشاري رفيع المستوى بين البلدين، نهاية العام الحالي أو بداية العام المقبل، لافتاً إلى أن الوزيرين "سيبحثان الاستراتيجية المناسبة للتعاون بين روسيا وتركيا بشأن سوريا".
من جهته، قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم إن تباين وجهات النظر بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا يزيد الوضع صعوبة في سوريا.
وأوضح في لقاء مع وكالة "سبوتنيك" أنه نظراً لغياب الإرادة الأميركية، بسبب انشغال واشنطن بالانتخابات الرئاسية، فتح الباب أمام تطورات سلبية بالمنطقة، لافتاً إلى أن دور تركيا حالياً يتمثل في "محاولة جمع الولايات المتحدة وروسيا، وإيران وحتى السعودية لحل الأزمة السورية".
فرنسا التي تلقت صفعة الـ"فيتو" الروسي في مجلس الأمن، أكدت سعيها لإيجاد سبيل يمَكِّن ممثلة الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية من فتح تحقيق في جرائم حرب، تدعي باريس أن القوات السورية والروسية ارتكبتها في شرق حلب.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت لإذاعة "فرانس انتير": "هذا القصف يمثل جرائم حرب، هذا يشمل كل المتواطئين في ما يحدث في حلب بمن فيهم زعماء روسيا"، وتابع: "إذا ما قرر الرئيس (الفرنسي فرانسوا هولاند مقابلة بوتين) فلن يكون هذا لتبادل المجاملات".
وكان ايرولت أكد في اتصال هاتفي مع المنسق العام لـ"الهيئة العليا للمفاوضات" رياض حجاب، على ضرورة انفصال "المعارضة" السورية المسلحة عن تنظيم "جبهة النصرة"، مضيفاً: "هذا الأمر هو ما تتحدث عنه روسيا دائما، ونستطيع أن نتفهمه".
بدوره، دعا الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون المجلس مجدداً لأن يطلب رسميا من المحكمة الجنائية الدولية بدء تحقيقاتها حول جرائم حرب في سوريا.
من جهتها، ردت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا على كلام ايرولت، معتبرة أنه "من الخطر للغاية اللعب بمثل هذه العبارات لأن جرائم الحرب تقع كذلك على كاهل المسؤولين الأميركيين".
إلى ذلك، اقترحت برلين توحيد المشروعين الروسي والفرنسي لوقف القتال في حلب، وذكرت مصادر في وزارة الخارجية الألمانية أن "الحديث يدور حول التوصل إلى إمكانية مزج المشروعين، وصياغة مشروع واحد من شأنه أن يلاقي دعما في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ليضع حدا للجحيم في سوريا".