التوسع الصيني في آسيا الوسطى.. وتحديات الأمن والإرهاب
تنفذ الصين خطوات لحماية مصالحها الاقتصادية ونفوذها السياسي في آسيا الوسطى. واقترحت بكين في مارس/آذار آلية مشتركة لمحاربة الارهاب مع أفغانستان، باكستان، وطاجيكستان، كمشروع لتعزيز الأمن الاقليمي. هذه المبادرة هي إشارة جلية إلى ان الصين تسعى لتصبح منخرطة أكثر فأكثر في مسائل امنية تتعدى حدودها. وعلى المدى الطويل، سيدعم ذلك نفوذها السياسي في الاقليم.
تتوسع مصالح الصين الاقتصادية في الاقليم بشكل كبير بسبب مبادرتها المدعوة “حزام واحد، طريق واحد”. وهدف هذه المبادرة هو تكوين وصلات تجارة ونقل بين آسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا، والشرق الأوسط، وأوروبا. إلا أن العديد من هذه المصالح يمكن أن تقوض بسهولة بسبب التهديدات المحلية في وسط وجنوب آسيا.
في افغانستان وباكستان زادت الجماعات المسلحة من حدة عملياتها، كما يعاني الاقليم بأسره من عدم استقرار تغذيه المشاكل الاجتماعية وفساد الحكومات المحلية. ومشروع الصين في محاربة الارهاب يهدف إلى معالجة خطر الاقتتال في الاقليم.
لا يوجد تفاصيل حول بنية الآلية المقترحة أو إطارها أو تمويلها، إلا أن أفغانستان قد عبرت سلفا عن تأييدها لها. وأبدت أيضا دول اقليمية أخرى اهتماما كبيرا في اعادة الاستقار لأفغانستان، منعا لتدفق الجماعات الارهابية واللاجئين عبر حدودها.
ومن الممكن أن أعضاء المبادرة المحتملين يريدون أن يضمنوا أن صفقة استثمار الصين لـ45 مليار دولار في مشاريع البنى التحتية والطاقة والنقل والمدعوة ”الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان” سيتم تحقيقها. وبالمقارنة مع نشاطات الصين الأخرى في الاقليم، فإن المشروع الجديد لمحاربة الارهاب يخلق بنية أمنية جماعية تنفرد الصين بقيادتها. وباعتبار أن الآلية لن تخضع لسلطة منظمة شنغهاي للتعاون، يمكن الاستنتاج أن الصين سوف تزيد الرهان لتعزز توسعها في الاقليم.
إلا أن اقتراح آلية لمحاربة الارهاب هو شيء، وانجاز مثل هذه الآلية شيء آخر تمام. ومن الخطأ أن نتوقع أن المشروع سينجح بسرعة. بحسب الخبراء، الخطوات الأولى الأكثر احتمالا هي مشاركة المعلومات وزيادة القدرات على محاربة الارهاب عبر الحدود، ما سيعزز التعاون في عمليات محاربة الإرهاب التي تتم في المناطق الحدودية. إضافة إلى أن القوى العالمية المعنية بالاقليم، ومنها روسيا والولايات المتحدة، سيكون لديها مشاعر متضاربة حول خطط الصين.
الولايات المتحدة تقوم مسبقا بتوسيع وجودها في آسيا الوسطى، مستخدمة الأزمة الأفغانية لادخال المزيد من دول آسيا الوسطى في مجال نفوذها الخاص. وفي ذات الوقت تقوم الولايات المتحدة بتكوين تحالفات لمواجهة الصين في منطقة المحيط الهادي الآسيوي، مع اهتمام خاص ببحر الصين الجنوبي. لذلك فإن هذا الاقتراح هو بمثابة تحول هام في دور بكين في هذه المواجهة الجيوسياسية.
أظهرت الصين بشكل واضح انها جاهزة للدفاع عن مجالها الخارجي. إن المبادرات السياسية والعسكرية المختلفة يمكن ان تصبح جزءا عاديا من مشروعها المدعو “حزام واحد، طريق واحد”.