الإستراتيجية الأمريكية لضم السويد وفنلندا للناتو
تعمل الولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو من اجل إدماج فنلندا والسويد في التحالف العسكري الأطلسي بهدف تحويلهما إلى أعضاء مكتملي العضوية في حلف شمال الأطلسي، وبالتالي تمكين الحلف من نشر المزيد من الجنود والعتاد الحربي على الحدود مع روسيا.
السويد وفنلندا ليستا أعضاء في حلف شمال الأطلسي، ومن الناحية النظرية ليس الحلف ملزما بتقديم المساعدة أو القيام بتعبئة عسكرية نيابة عنهما . ولكن لابد من الإشارة هنا إلى أن هاتين الدولتين تعتبران شريكتين إقليميتين هامتين لحلف الناتو في وسط وشرق الدول الاسكندنافية. موقعهما الجغرافي على بحر البلطيق، والمطارات الخاصة (ولاسيما في فنلندا)، والحدود المشتركة مع روسيا، وكونهما من دول البلطيق، كل هذا يجعل منهما هدفا من الأهداف الجيوسياسية الجذابة لمزيد من توسيع حلف شمال الأطلسي.
لوقا كوفي ودانيال كوشيس، كاتبان من مؤسسة التراث، نشرا في مقال بعنوان "دور السويد وفنلندا في دفاع الناتو عن دول البلطيق، يروج كخطوة أولى في هذا الاتجاه لسياسة الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي" (28 أبريل/نيسان 2016). وهما يحثان الولايات المتحدة على إتباع سياسة من شأنها أن تشجع السويد وفنلندا لتصبحا أعضاء كاملي العضوية في منظمة حلف شمال الأطلسي، وكوسيلة لهذه الإستراتيجية التوسعية يجب تقديم فكرة أن روسيا قد تفسر عدم عضويتهما في حلف الناتو على النحو التالي: "كضوء أخضر للتدخل في دول البلطيق من قبل روسيا لأن حلف شمال الأطلسي لا يمكن أن يأتي للدفاع عنهم. على العكس من ذلك، فإن ستوكهولم وهلسنكي قررتا عدم إعطاء الانطباع بالتدخل التلقائي والمساعدة في حال تعرضت هاتين الدولتين لهجوم من قبل روسيا حتى تصبحا أعضاء كاملي العضوية في حلف شمال الأطلسي، الناتو بحاجة إلى التخطيط لكافة الاحتمالات في دول البلطيق، وروسيا سوف تستفيد من هذا الوضع".
وبشكل أكثر تحديدا، الأطلسيون يريدون دفع جدول أعمالهم من خلال إقناع السويد وفنلندا أن جزر البلطيق "آلاند" "غوتلاند" و"بورنهولم" – تنتمي لفنلندا، والسويد، والدنمرك على التوالي، وهذه الجزر في خطر التعرض لهجوم مباشر، إن لم يكن وشيكا، لتضمها روسيا إليها. لذلك باستخدام تكتيكات التخويف، تعتقد الولايات المتحدة أنها يمكن أن تجعل هذين البلدين ينضمان إلى حلف شمال الأطلسي، وبالتالي تحريك النفوذ العسكري الأمريكي بشكل أقرب من أي وقت مضى نحو روسيا. في نهاية المطاف هذا جزء من إستراتيجية كوردون سانيتير لتعزيز محاصرة الغرب لروسيا من جميع الاتجاهات بعد تفكك حلف وارسو.
يبدو أن الإمكانيات العسكرية الروسية في كالينينغراد تسبب قلق الولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي. وقد ذكر دوغلاس باري، زميل أول في القوى الفضائية العسكرية في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، أن موسكو تسعى إلى تنفيذ إستراتيجية "منع تحليق الصواريخ" في منطقة بحر البلطيق، لافتا إلى نشر صواريخ من منظومة "اسكندر 9K723" و"اسكندر – م" إضافة إلى الوحدات وأنظمة الصواريخ المضادة "S-400" طويلة المدى في كالينينغراد. بالمناسبة هذا التحرك من قبل روسيا يبدو كإجراء دفاعي بحت، ولا ننسى التركيز العسكري المستمر من قبل الناتو قرب حدود روسيا والتركيب المزمع لمجمع الدفاع الصاروخي الأمريكي في بولندا عام 2018. ومن الأمثلة على ذلك أن الناتو قد أعلن للتو أن 4000 جندي إضافي من المقرر أن يتمركزوا في بولندا ودول البلطيق على الحدود الروسية في المستقبل القريب.
في حين أنه من غير المرجح أن فنلندا سوف تنضم إلى حلف شمال الأطلسي قريبا، 22٪ فقط من الفنلنديين يدعمون هذا الانضمام في الوقت الحالي و55٪ يعارضون ذلك، أما في السويد حاليا فإن 41٪ يدعمون الانضمام و39٪ ضده. إن اجتماع الناتو المخطط في وارسو في يوليو/تموز القادم يشمل هذا العام على الأرجح مسألة مواصلة التوسع في الدول الاسكندنافية. وسيكون الموضوع الرئيسي لهذه القمة هو الاستعداد القتالي في أوروبا الشرقية والبحر الأسود.
وعلى الرغم من الحديث عن "السلام والأمن" فإن الغرب يستمر في الاندفاع نحو الشرق. استفزاز ناتج عن تراكم الأسلحة باهظة الثمن ونشر الخوف وخلق المزيد من عدم الثقة بين الجيران الإقليميين. يبدو أن "صراع الحضارات" لصموئيل هنتنغتون هو هدف الأطلسيين، في حين أن "الحوار بين الحضارات"، والتعددية القطبية، التي يقترحها بوتين في خطاب ميونيخ عام 2007، يتم تجاهلها من قبل نفس أولئك الذين يدعون أنهم يشكلون نموذجا "للحرية والديمقراطية".