خطط ترامب حول روسيا، الانتخابات الفرنسية والأزمة السورية

09.02.2017

لا يزال الخبراء الروس يدرسون مستقبل التحركات في سياسة دونالد ترامب الخارجية. وبالإضافة إلى ذلك، فإنهم بدؤوا يحولون انتباههم إلى الانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2017.

في كانون الثاني، ركزت مؤسسات الفكر والرأي الروسية في المقام الأول على تحركات الرئيس الاميركي الجديد دونالد ترامب وعلى مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا. وبالإضافة إلى ذلك، أعطى الخبراء الروس الكثير من الاهتمام لحملة الانتخابات الرئاسية في فرنسا عام 2017 والحرب الدائرة في سوريا، وخصوصا حول جولة محادثات السلام الجديدة في كازاخستان التي يشترك فيها كل من الحكومة السورية وفصائل المعارضة المسلحة.

علاقات ترامب والولايات المتحدة بروسيا

عندما تولى الجمهوري دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة، أصبحت شخصيته الحدث الأكثر مناقشة داخل مجتمع الخبراء الروس. النقاد يجمعون على أن السنوات الأربع المقبلة في المكتب البيضاوي لن تكون سهلة بالنسبة للرئيس الجديد، مع أن مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا لا يزال بعيدا عن الواجهة على الرغم من مواقف ترامب الودية تجاه روسيا.

إيفان تيموفيف، مدير برنامج مجلس الشؤون الدولية الروسي (RIAC)، يرى أنه لا يوجد أي سبب للاعتقاد بأن العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا ستتحسن في المدى القصير. وعلاوة على ذلك، ففي السيناريو الأسوأ قد تتكثف المواجهة في الواقع في ظل إدارة ترامب.

ومع ذلك يخلص تيموفيف أنه لا يزال هناك بصيص من الأمل للتخفيف من حدة التوتر. في حين كانت الإدارة الرئاسية السابقة للولايات المتحدة حدية للغاية من الكرملين، فإن الرئيس الحالي يرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كشريك، على الأقل داخل التحالف لمكافحة الارهاب. وهذا مؤشر جيد للتغلب على الأزمة في العلاقات الثنائية.

وفي الوقت نفسه، يضع جورج بوفت، وهو خبير من مجلس السياسة الخارجية والدفاع (CFDP) ملاحظات على تشكيل حكومة ترامب ،. وقال إنه متردد في منح أي توقعات حول السياسة الخارجية المستقبلية لإدارة الرئيس الجديد، لأنه لا يوجد إجماع داخلها. ففي الواقع، يبدو أن رؤساء مختلف الدوائر والوكالات الحكومية الامريكية منقسمة في نهجها تجاه الصين وروسيا والشرق الأوسط ومستقبل الشراكة عبر المحيط الهادئ (TPP) وغيرها من المسائل.

في الوقت نفسه، يصف مدير مركز كارنيغي في موسكو ديمتري ترينين الولايات المتحدة تحت إدارة ترامب بأنها "حالة غير متوقعة." في الواقع، الشعارات الشعبوية "أمريكا أولا" وأيديولوجية ترامب ليست متوافقة مع الفكرة الأمريكية حول الاستثنائية الأمريكية وقيادتها العالمية، والتي سوف تؤدي بشكل لا مفر منه إلى تغيير استراتيجية السياسة الخارجيةز

لواشنطن والبيئة الجيوسياسية بأكملها. يقول ترينين أنه من السابق لأوانه القول عن انحدار الزعامة العالمية الولايات المتحدة. بدلا من ذلك، فإن الولايات المتحدة تقوم بمجرد تغيير دورها العالمي؛ ولكن وفقا للخبراء، فإنه من المستحيل التنبؤ بكيفية تعديل هذا الدور.

في المقابل، تقول ايلينا بونوماريوفا، خبيرة من معهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية (جامعة MGIMO)، إن التصريحات المتضاربة لترامب وعدم القدرة على التنبؤ مبالغ فيها. على الرغم من أن الرئيس يواجه بالفعل تحديا قويا من بعض ممثلي النخب السياسية وبعض المسؤولين فقد تمكن من إيجاد دعم له في الواقع.

وأولئك الذين يشكلون البيئة المحيطة بترامب لديهم مصالح وخطط معينة في السياسة الداخلية والخارجية. وفي الوقت نفسه، فإن ترامب لا يقدم تلقائيا ما يحسن العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا. الطريق ستكون صعبة، هناك حاجة مع موسكو للعب "لعبة زكية ومتعددة الأوجه" مع "مفاوض صعب كترامب،" تخلص بونوماريوفا.

حملة الانتخابات الرئاسية في فرنسا عام 2017

روسيا تعتبر فرنسا الشريك الأوروبي المهم، ولكن العلاقات الثنائية بين البلدين تتعرض لانخفاض حاد. من المستحيل التغلب على هذه المواجهة في عهد الرئيس الفرنسي الحالي فرانسوا هولاند، ولهذا السبب فإن النقاد الروس يراقبون عن كثب حملة الانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2017: تعلق موسكو آمالها على الرئيس الفرنسي الجديد لإيجاد أرضية مشتركة مع الكرملين.

يقول اليكسي شيخاشيف ، خبير في برنامج مجلس الشؤون الدولية الروسي RIAC، من الصعب التنبؤ بنتائج السباق الرئاسي الحالي. ومع ذلك، بغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات في مايو، فقد تكون السياسة الخارجية للبلاد هي نفسها ، لأنه من المألوف للثقافة السياسية في فرنسا احترام السياسة الخارجية لسابقاتها، وفقا للخبير .

وفي الوقت نفسه، اندريه كوليسنيكوف من مركز كارنيجي في موسكو ينظر إلى الانتخابات الفرنسية في سياق التهديد الإرهابي المتزايد الذي يواجه البلاد. عدم الاستقرار الاجتماعي وتدفق اللاجئين والتحديات الأمنية تخلق فرص للشعبويين من جناح اليمين. ومن منظور سياسي، قد يكون انتصارهم لصالح الكرملين.

يقول كوليسنيكوف أن الشعبويين الذين تمثلهم لوبان من الجبهة الوطنية لديهم احتمال كبير ليفوزوا في الانتخابات بعد أن خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وبعد أن أصبحت رئاسة ترامب أمرا واقعا (في البداية، لا أحد كان يعتقد أن يكون هذا ممكنا). وبالفعل، يوم 5 فبراير، اقترحت مارين لوبان في كلمة أمام أنصارها أن فرنسا تحت قيادتها يمكنها التفكير بالخروج من الاتحاد الأوروبي.

الناخب العادي الفرنسي يفهم بسهولة برنامج لوبان، وربما ينجح هذا البرنامج بعد تجربة عدة هجمات ارهابية في باريس ونيس: هؤلاء الناخبون يخافون من المتطرفين أكثر من النزاعات

الداخلية. ومع ذلك، فإنه من السابق لأوانه التكهن بفوز لوبان، لأن المرشحين من المعسكر الليبرالي والديمقراطي لديهم العديد من الفرص.

محادثات السلام السورية في كازاخستان

في أواخر شهر يناير، جرت محادثات السلام بين ممثلي المعارضة السورية والحكومة في أستانا، كازاخستان. وأجريت المفاوضات في إطار عملية السلام في جنيف، بمشاركة نشطة من إيران وروسيا وتركيا. ويصف الخبراء الروس محادثات أستانا بالمهمة.

رئيس CFDP فيودور لوكيانوف يسلط الضوء على أن المفاوضات كانت تجري في شكل جديد، وكان من الصعب أن نتصور هذا الشكل الجديد قبل عدة أشهر، وهو أن المعارضة والحكومة بدأت التفاوض مباشرة. هناك أيضا مسألة إشراك أصحاب المصلحة - روسيا وإيران وتركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مع آمال جديدة بالتأثير على أطراف النزاع السوري.

ومع ذلك، فهذا لا يعني بالضرورة تجاهل جنيف - المحادثات في أستانا مجرد فرصة أخرى للتوصل إلى اتفاق متماسك وملزم، لأن كل الذين شاركوا في المفاوضات يسعون للوصول إلى السلام في سوريا. وهذا يمكن أن يسمح لهم بنسيان خلافاتهم والعمل الجاد من أجل تحقيق الهدف المشترك.

وفي الوقت نفسه، نيكولاي كوزانوف ، الخبير في مركز كارنيغي في موسكو، يشير إلى أن محادثات أستانا فشلت في التوصل إلى أي نتائج ملموسة. ومع ذلك، فإنها مؤشر جيد لأنه خلال هذه المفاوضات، وضعت المنظمات الإرهابية مثل داعش والنصرة - بشكل واضح من قبل كل من المعارضة السورية ودمشق رسميا بأنها منظمات إرهابية. الأهم من ذلك، عززت محادثات أستانا دور المنظمين: روسيا وإيران وتركيا ، حيث أنهم الميسرون لعملية السلام في سوريا.