هل يعود ال “كي جي بي”
تنتظر أجهزة الأمن الروسية تغييرات كبيرة حيث تجري مناقشة جدية لإصلاحات كبيرة. فوفقا لمصادرنا سيتم إنشاء وزارة جديدة ذات صلاحيات كبيرة، حيث سيتم دمج كل الهياكل الأمنية السابقة مثل جهاز مكافحة التجسس FSB"" وجهاز مكافحة الإرهاب وحماية الأسس الدستورية للدولة مع أجهزة الاستخبارات الخارجية " SVR" وأجهزة خدمة الحماية الاتحادية (المسؤولة عن أمن كبار المسؤولين). الهيئة الجديدة سوف تسمى وزارة أمن الدولة "MGB". في الواقع إن إنشاء وزارة ذات صلاحيات كبيرة يعني زيادة كبيرة في قوات الأمن الروسية. الهيئة المشتركة تعزز الموقف في السياسة الداخلية بشكل كبير. بحكم الواقع هذا يعني عودة ال "KGB" القديم ذو السمعة الجيدة في الظروف التاريخية الجديدة.
انتصار الليبراليين
قبل انهيار الاتحاد السوفيتي، كانت عملية تقسيم ال KGB قد بدأت. وكان الهدف الرئيسي من ذلك هو الحد من نفوذ المخابرات في العمليات السياسية في البلاد، حيث كانت الأغلبية لا تؤيد الإصلاحات الليبرالية الموالية للغرب، على الرغم من أن الإصلاحات الليبرالية والتقارب مع الغرب تم تنسيقها من قبل جزء من المسؤولين الأمنيين السوفييت، الذين أرادوا أن يكونوا نخبة في صياغة العولمة.
في روسيا يلتسين، تم تقسيم ال KGB إلى مجموعة من الأجهزة الأمنية مثل جهاز الأمن الفيدرالي (FSB) وجهاز الاستخبارات الخارجية (SVR) وجهاز خدمة الحماية الاتحادية (FSO) والوكالة الاتحادية للاتصالات والمعلومات الحكومية (FAPSI). أما قوات حرس الحدود التي كانت تخضع في وقت سابقا ل "كي جي بي"، فقد أصبحت جهازا مستقلا.
تعزيز جهاز الأمن الفيدرالي "FSB" في بداية عهد بوتين
في عام 2003، تم حل الوكالة الاتحادية للاتصالات والمعلومات الحكومية (FAPSI) ودخلت في هيكل جهاز الأمن الفيدرالي "FSB"، كما كانت قوات حرس الحدود تابعة أيضا لجهاز الأمن الفيدرالي. إلا أن عملية دمج الأجهزة الأمنية توقفت، لكن تم إلغاء بعض الوحدات في جهاز الاستخبارات الخارجية SVR وفي جهاز الأمن الفيدرالي FSB، وخاصة موظفي الخدمات الميدانية والوظائف المكررة. الرئيس فلاديمير بوتين كان يعتبر أن تعزيز جهاز الأمن الفيدرالي FSB، والذي كان يقوده حتى عام 1999، يهدف إلى تعزيز مواقع قوات الأمن في الحياة الداخلية للبلاد.
كانت القوى الأمنية في وقت مبكر من عام 2000 هي المجموعة الوحيدة المؤثرة في الدولة الروسية والتي تملك توجها نحو تعزيز السيادة الروسية وتعارض غريزيا مع الغرب ووكلائه الليبراليين في روسيا. كذلك فإن توطيد السلطة وتعزيزها رأسيا بقيادة بوتين يحتاج دعما قويا.
ضرورة الإصلاحات الجديدة
تجري مناقشة الإصلاحات الجديدة في أجهزة الأمن الروسية على خلفية المواجهة التاريخية مع الغرب والولايات المتحدة، وخاصة بعد إعادة توحيد روسيا مع شبه جزيرة القرم والحرب في دونباس والتدخل الروسي في الصراع السوري. إن تعقيد التحديات الجديدة يؤدي إلى ضرورة تعزيز القوات الموالية للرئيس.
إن مواجهة الغرب وتعزيز الأمن الداخلي ومكافحة الليبراليين من الطابورين الخامس والسادس تتطلب خدمات خاصة وقوية. إنشاء وزارة أمن الدولة MGB يشكل إستكمالا لتعزيز الخدمات الأمنية الجديدة للحرس الوطني. قبل يوم واحد وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على قانون إنشاء هذه الوزارة.
الحرس الوطني – نظام الحماية
تأسست الدائرة الاتحادية للحرس الوطني في 5 أبريل عام 2016، بموجب مرسوم من الرئيس الروسي. تم تجميع أعضائها من قوات وزارة الداخلية، بما في ذلك وحدات الطيران، فضلا عن وحدات من القوات الخاصة الرئيسية التابعة لوزارة الشؤون الداخلية ومن شرطة مكافحة الشغب. بالإضافة إلى ذلك فإن الحرس الوطني حاليا يقوم بتعزيز سيطرة الحكومة الاتحادية والتأكد من احترام القوانين الروسية في مجال الاتجار بالأسلحة ومجال الأمن الخاص.
وسيتألف هيكل السلطة الجديدة من حوالي 300 ألف شخص، وسوف يخضعون مباشرة لرئيس الجمهورية. يرأس الحرس الوطني الروسي اللواء في الجيش الروسي فيكتور زولوتوف. ومن المعروف أنه أحد المقربين إلى فلاديمير بوتين وغير الموالين له بشكل شخصي. وسوف يتبع مباشرة لرئيس الجمهورية. في الجوهر هو جيش داخلي للحفاظ على النظام في البلاد في ظروف تدهور الأوضاع الدولية والمحاولات الأطلسية لزعزعة الوضع في روسيا.
عملية إنشاء الحرس الوطني وكذلك إنشاء وزارة الأمن الجديدة يعني تطهير الأجهزة من العناصر غير الموثوقة والفاسدة داخل الحرس القديم وتعزيز التنسيق بشكل عميق وترشيد جميع الأنشطة. وستقوم الأجهزة الأمنية الجديدة بالتعاون بين بعضها البعض بإدخال مجموعة من الأشخاص في أجهزة الأمن الروسية تعارض الليبرالية والعولمة. رئيس لجنة التحقيق الروسية الكسندر باستريكين هو الأكثر نشاطا في التعبير عن هذه الأجندة وهو يدعو لإقامة الأيديولوجية الوطنية الرسمية المحافظة والتخلي عن أولوية القانون الدولي لصالح القانون الداخلي في الاتحاد الروسي.
وسيكون التحدي الرئيسي للقيادة الروسية هو عدم السماح لظهور التناقضات التي لا غنى عنها بين الأجهزة الأمنية حتى لا تتحول إلى صراعات داخلية يستغلها أعداء الدولة.
منظمة الشرطة السرية "أوبريتشنيا"
دائما ما ارتبط هذا المصطلح بإنشاء هياكل السلطة الموازية في تاريخ الدولة الروسية من خلال صراع قادة الدولة مع النخب الذين يعارضونهم في محاولاتهم لتعزيز سلطة البلاد. هذا هو السبب في تشكيل القيصر إيفان للأوبريتشنيا - أفواج حرس بيتر ، ونيقولا الأول شكل هيئة مستقلة من رجال الدرك. وبالإضافة إلى ذلك، عملت هذه الهياكل التقليدية كآلية قسرية "للتأثير في النخب" وتجديد الطبقة الحاكمة.
تم بناء النظام السياسي الروسي الحالي أيضا بحيث يتسنى لجميع الوظائف السياسية ولجميع السياسات أن تلتقي في مركز واحد هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
الهدف الرئيسي لوكلاء الغرب في روسيا هو إزالة بوتين لأنه الشخص الذي يعزز السيادة السياسية. كل من "الطابور الخامس" من المعارضة الليبرالية، وهي أداة مصممة لإسقاط بوتين، و"الطابور السادس" يتكاملان معا لتحقيق نفس الهدف. إذا تكللت جهودهم بالنجاح، فإن روسيا ستواجه صدمات خطيرة وانهيار في مراكز القوى، وربما تقسيم البلاد.
الحرس الوطني والوكالة الأمنية الجديدة الخاصة المحتملة هما أدوات لتحييد كل من الطابور الخامس والسادس وضمان الاستقرار الكلي للدولة. هذا النظام ال"أوبريتشنيا الجديد" كان متوقعا من قبل السياسيين الوطنيين الروس. ومع ذلك، ومن أجل التنفيذ الناجح لأهدافه، لا بد أن يستند ليس فقط على الإخلاص الشخصي، بل أيضا على الدافع الأيديولوجي.