هل تغير السعودية سياستها تجاه دمشق؟

19.12.2016

يشارف العام السادس من الأزمة السورية المدمرة على الانتهاء، مع تغير نسبي في المشهد الميداني السوري وكذلك على الصعيد الإقليمي و الدولي، هذا التغير يبدو من الواضح أنه لصالح الدولة السورية، وخاصة بعد تحرير الجيش السوري لمدينة حلب ذات البعد الاستراتيجي وما سيتبع ذلك من تغيرات متسارعة باتجاه نهاية الحرب في سوريا. هذه التغيرات تطرح سؤالا هاما، هل ستدفع عملية البحث عن الحل في سوريا بعض الدول الإقليمية وخاصة السعودية إلى تغيير سياستها تجاه سوريا في إطار الحل الشامل الذي تريده كل من روسيا و الولايات المتحدة؟.

مع اقتراب نهاية ولاية الرئيس الأميركي باراك أوباما، تبدو الرياض، وكأنها تعيد ترتيب أوراقها استعداداً لاستقبال السياسات الشرق أوسطية لسيد البيت الأبيض الجديد، وأيضاً للتعامل مع التغييرات التي طرأت على موازين القوى الإقليمية ما بعد حلب.
وتنتظر السعودية توضح مواقف الإدارة الأميركية المقبلة تجاه القضايا الإقليمية المختلفة، وعلى رأسها الأزمة السورية. وهي تريد أن تعرف بالتحديد، موقف الرئيس الأميركي المقبل دونالد ترامب من مسألة بقاء الرئيس بشار الأسد، كي تبني على الشيء مقتضاه وتحضر الأجواء لـ«تكويعة سياسية» حيال دمشق، إذ أسقط ترامب نهج أوباما تجاه سورية القائم على لازمة «تنحي الرئيس الأسد». في ذات السياق، تريد السعودية أن تتعرف بدقة على التوجهات التركية حيال أزمة سورية، فيما بعد حلب.
وتبدو الرياض غير آسفة على رحيل أوباما الذي تصفه بالتردد والجبن، وتأخذ عليه تضحيته بأمن السعودية وحلفائها في مجلس التعاون الخليجي ومصالحهم على مذبح انفتاحه مع إيران والتوصل إلى الاتفاق النووي معها.
وبالرغم من توعد ترامب بإجبار السعودية على دفع «أموال» لواشنطن مقابل استمرار الحماية الأميركية، إلا أن السعوديين لا يخفون ارتياحهم لفوزه، وتعويلهم على ما أعلنه من نهج عدائي حيال إيران منافستهم الإقليمية الأساسية.
وهكذا، فإن السعودية مستعدة للانخراط في إستراتيجية ترامب الإقليمية، ولو كان ثمن ذلك تعديل موقفهم من بقاء الرئيس الأسد ليتطابق مع ما يريده قاطن البيت الأبيض الجديد.
وفي هذا السياق، ذكر موقع «لبنان 24» أن مسؤولين سعوديين أبلغوا زواراً أميركيين أن بلادهم لا تعارض بالضرورة بقاء الرئيس الأسد «خصوصاً إذا كان هذا هو رأي الولايات المتحدة».

ونقل الموقع المحسوب على قوى الرابع عشر من آذار، عن مصادر وصفها بالموثوقة، أن جهات سعودية رفيعة المستوى طالبت زواراً أميركيين للعاصمة السعودية، وضوحاً في الموقف الأميركي لتقرر الرياض على أساسه شكل موقفها في الملف السوري.

وأشارت مصادر أخرى، بحسب الموقع، إلى أن الرياض اليوم لا تعطي أولوية كبيرة للوضع في سورية، عدا احتواء الجانب الإيراني هناك ودعم مجموعات مسلحة محسوبة عليها. وأشارت الأوساط المطلعة إلى أن السعودية تنتظر بالمبدأ قرار تركيا وما ستفعله أنقرة هناك صاحبة النفوذ الأكبر في الداخل السوري.

ومن هذا المنطلق، لا تبدو مشكلة السعودية مع الرئيس الأسد نفسه، أو روسيا، بقدر ما هي مع الجانب الإيراني والإستراتيجية الأبعد للمملكة إقليمياً. وهي اليوم تبدي مرونة بالتعامل مع شركائها سواء كانت تركيا أو الولايات المتحدة، ما قد يخلط الأوراق بعد معركة حلب وبعد تسلم ترامب السلطة الشهر المقبل.

وكان الرئيس السوري بشار الأسد قد أشار في حوار مع صحيفة "الوطن" السورية، نُشر يوم الخميس 8 ديسمبر، أنه كانت هناك "وساطة روسية مع السعودية منذ نحو عام ونصف، وقال " لكنها فشلت لأن السعودية لديها هدف واحد أن تقوم سوريا بالوقوف ضد إيران ولا نعرف لماذا يجب علينا أن نقف ضد إيران لكي ترضى السعودية،" على حد تعبيره.

وتنحت الرياض جانباً عن أزمة حلب، حتى أنها لم تتمثل في كثير من الاجتماعات التي عقدت حول المدينة مؤخراً، تاركةً كلاً من قطر وتركيا، للتعامل مع تداعيات هزيمة المسلحين هناك.

وأعلن  المعارض السوري منذر خدام أن دعوة موسكو وأنقرة إلى إجراء مفاوضات سورية سورية في أستانا لم تكن مفاجئة، مؤكدا أن السعودية ستغير موقفها تجاه دمشق، وأن هناك وساطة بهذا الشأن. 

وقال خدام وفي حديث لصحيفة "الوطن" السورية الأحد 18 ديسمبر/كانون الأول، إن "اللافت في الأمر هو عدم رعاية (المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا ستيفان) دي ميستورا للقاء" (في أستانا)، موضحا أن أمريكا "ليست بعيدة عن اللقاء لأن تركيا تشاورت معها ومع السعودية وقطر".

واعتبر خدام أن أمريكا وأوروبا والسعودية وقطر سلَّمت بالأمر الواقع بعد تغير الواقع الميداني في حلب، مضيفا أن طرد المسلحين من حلب "فتح الباب أمام الحل السياسي"، بحسب ما ذكرت الصحيفة الاثنين.

ويعتبر الدور السعودي في الحرب السورية كبيرا، وعلى هذا فإن أي اتفاق في سوريا سيتم التوصل له، سيشمل السعودية بشكل مباشر (حتى لو بشكل غير معلن) لأنها صاحبة نفوذ كبير في أوساط المجموعات المسلحة الرئيسية التي تقاتل الجيش السوري. ومن هنا فإن أي حديث عن اتفاق بين أطراف النزاع في سوريا هو بالضرورة حديث عن تغير في السياسة التي تتبعها الرياض نحو دمشق.