هكذا جنَّد «داعش» الانتحارية أم عائشة
أوقف الأمن العام «انتحارية». فتاة سورية، والدتها لبنانية، لم تتجاوز الثامنة عشرة، بايعت «دولة الخلافة» وسعت لجمع أموال لشراء أحزمة ناسفة لتنفيذ تفجيرات في لبنان. كانت بشرى ف.، طالبة الشريعة، ترغب في «الهجرة» إلى الرقة، قبل أن تعدل عن الفكرة بعد ترؤسها «خلية نسوة» تعمل في الإرهاب
ربما لم يألف كُثُر سماع قصة فتاة قررت تفخيخ نفسها لتنفيذ عملية انتحارية. بُشرى، ابنة الـ١٨ عاماً، واحدة من هؤلاء. ابنة بانياس المقيمة في طرابلس جنّدت فتيات ليشكّلن «خلية إرهابية». أما هدفهن، فكان اغتيال رجل أمن وتنفيذ تفجيرات. كيف يُعقل أن تملك فتاة جرأة قرار كهذا؟ أن تحلم بـ«الهجرة» إلى «عاصمة الخلافة»، لكنها ترفض الزواج من «مجاهد» كشرط للانتقال إلى هناك. أن تحمل هوية مزوّرة وتسعى لجمع المال لشراء متفجرات وتصنيع أحزمة ناسفة. أن تفعل كل ذلك، ولم يتجاوز عمرها ١٨ عاماً بعد.
بشرى أو «أم عائشة» كما تُلقّب، والتي أوقفها الأمن العام الأسبوع الماضي، قررت مبايعة تنظيم «داعش». وبحسب محاضر التحقيق لدى المديرية العامة للأمن العام، فإن طالبة الشريعة الموقوفة، على خلفية الاحداث في سوريا، بدأت تتابع الأخبار على الانترنت والمجموعات الاخبارية عبر تطبيق الواتساب، فتأثرت بفكر التنظيمات الجهادية (لا سيما «جبهة النصرة» و»الدولة الإسلامية»)، وبدأت تتابع أخبارها عبر المواقع الالكترونية والتطبيقات الهاتفية.
انتسبت إلى غرف محادثات سرية عائدة لهذه التنظيمات، لمتابعة إصداراتها بشكل مفصل ودقيق. كذلك انشأت عدة حسابات على موقع التواصل الاجتماعي بغية التواصل من خلالها مع أشخاص منتمين إلى تلك التنظيمات. تعرّفت منذ نحو سنتين عبر أحد التطبيقات الهاتفية إلى سيدة ملقبة بـ«أم بكر» و«أم مصطفى» و«أم البراء». وبعدما توطدت علاقتهما، أخبرتها الأخيرة بأنها تنتمي الى تنظيم «الدولة الإسلامية» وأن شقيقها وعمها يقاتلان في صفوفه. التقت الفتاتان بعد فترة في طرابلس، قبل أن تنتسب صديقتها الجديدة إلى المعهد الديني حيث تدرس بشرى. نجحت «الصديقة» في تجنيد بشرى في صفوف «الدولة». وفي أواخر عام 2015 قررت بشرى الذهاب الى الرقة السورية للالتحاق بـ«دولة الخلافة». كانت وسيلتها بطاقتي هوية مزورتين استحصلت عليهما «أم بكر» لاستعمالهما للانتقال إلى سوريا، إلا أن منسق عملية النقل اشترط عليهما أن تتزوجا من مقاتلين في الرقة. رفضت بشرى فيما وافقت «أم بكر». وبذلك سُمِح للأخيرة بالانتقال إلى الرقة في الشهر الأخير من عام ٢٠١٥. لم ينقطع الاتصال بينهما. وعن بُعد، عرّفت أم بكر بشرى على عدد من الفتيات اللواتي يحملن الفكر نفسه. وبقيت بشرى مصممة على الذهاب الى سوريا، وتواصلت مع عدد من أعضاء التنظيم طالبة مساعدتها للذهاب الى سوريا. مجدداً كانت العقبة الزواج من أحد المقاتلين، لكن هذه المرة وُضعت أمام شرطين: إما الزواج أو تُوضع في المضافة (أي منزل يضم عدداً كبيراً من الفتيات)، رفضت العرض لكنها لم تفقد رغبتها في الذهاب إلى «دولة الخلافة».
أواخر عام 2016، جمعت بشرى مبالغ مالية لصالح الموقوفين الاسلاميين في سجن رومية المركزي. وبدأت تنشط بشكل لافت على مواقع التواصل الاجتماعي تحت أسماء متعددة. كتبت بيانات تحرّض طائفياً، ونشطت في الدعوة إلى «إنقاذ» الموقوفين الاسلاميين في سجن رومية. أنشأت حساباً لنشر أخبار المداهمات والحواجز الامنية، قبل أن تنتقل إلى مرحلة جمع الاموال لتمويل عمليات إرهابية في الداخل اللبناني وشراء المتفجرات بهدف تنفيذ عمليات أمنية ضد الجيش. بدأت بالتخطيط مع آخرين لاغتيال عنصر من مخابرات الجيش اللبناني، فحددت مكان سكنه. كانت في صدد تنفيذ عملية الاغتيال عبر ارتدائها النقاب والكفوف لإخفاء وجهها عن كاميرات المراقبة وإخفاء البصمات، واستحصلت على مسدس. كذلك جمعت أموالاً لشراء رمانات يدوية بهدف رميها على الجيش، وخططت لطلب المساعدة من شادي المولوي لتأمين مصدر لشراء هذه الرمانات، بعدما تبين أنها كانت على علاقة صداقة سابقة بزوجته «أم آدم». بعد محاولاتها المستمرة للالتحاق بتنظيم «الدولة»، تولدت لديها رغبة في تنفيذ عملية إرهابية في لبنان. ولهذه الغاية، طلبت من «أبو محمود المهاجر» ( أحد عناصر «الدولة» موجود في الرقة) عبر تطبيق «تلغرام»، مساعدتها لتأمين حزام ناسف. كذلك أقدمت على تحميل كتاب عن الانترنت حول كيفية صناعة الاحزمة الناسفة، إلا أنها لم تتمكن من شراء المواد اللازمة لذلك. جرى توقيفها بناءً على إشارة القضاء العسكري، إلا أنّ المصادر الأمنية تحفّظت على هوية باقي أفراد الخلية اللواتي لم يتم توقيفهنّ بعد.
الأخبار