بوتين: نعرف هوية مهاجمي قافلة المساعدات بحلب.. وواشنطن مذنبة بتدهور علاقاتها مع روسيا
أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن موسكو تعرف هوية الجهة التي هاجمت قافلة المساعدات الإنسانية في ريف حلب السورية، موضحا أن واشنطن أيضا على علم بهوية هذه الجهة الإرهابية، إلا أنها تفضل إستغلال الحدث لاتهام روسيا. كما أكد الرئيس الروسي أن بلاده لا تتحمل مسؤولية التدهور في العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة، مشيرا إلى أن إستعادة العلاقات الجيدة يتطلب احترام كل طرف لمصالح الطرف الآخر والالتزام بعلاقات الشراكة، وعدم فرض شروط مسبقة.
وقال بوتين خلال مشاركته في منتدى "روسيا تنادي!" الذي عقد بموسكو يوم الأربعاء 12 أكتوبر/تشرين الأول "نحن نرى ما يحدث على الأرض، كل هذه الاتهامات لنا غير مدعمة بتاتا، هناك تقصّد لاتهام روسيا بارتكاب جميع الآثام الممكنة، بما فيها تنفيذ الهجوم على قافلة المساعدات، لكننا نعلم من وجه حقا هذه الضربة، والحديث يدور عن أحد التنظيمات الإرهابية".
وأكد بوتين أن الأمريكيين أيضا على علم هذا الأمر، "لكنهم يفضلون الالتزام بموقف آخر وتوجيه اتهامات غير مستندة إلى أية براهين لروسيا". لافتا إلى أن مثل هذا النهج "لن يسهم في حل القضية".
وكانت قافلة مساعدات إنسانية تابعة لمنظمات الأمم المتحدة وجمعية الهلال الأحمر السوري تعرضت، مساء الاثنين 19 سبتمبر/أيلول، لهجوم أثناء توجهها إلى بلدة أورم الكبرى غرب مدينة حلب، لإيصال المساعدات إلى 78 ألف شخص في هذه البلدة التي يصعب الوصول إليها.
وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن الحادث أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 20 مدنيا فضلا عن موظف واحد في جمعية الهلال الأحمر السوري، مؤكدة أن الهجوم دمر 18 من أصل 31 شاحنة كانت تضمها القافلة، بالإضافة إلى مستودع للهلال الأحمر السوري في أورم الكبرى.
وكانت هذه القافلة متوجهة إلى بلدة أورم الكبرى في إطار عمليات إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق السورية المنكوبة وفقا للخطة الروسية الأمريكية حول وقف الأعمال القتالية وإحلال الاستقرار في البلاد. وأعلنت كل من دمشق وفصائل المعارضة، التي تسيطر على البلدة، عن موافقتهما مسبقا على دخول القافلة إلى المدينة.
وعلى صعيد متصل، علق بوتين على قضية العلاقات بين موسكو وواشنطن، معربا عن قلق موسكو من تدهورها، إلا أنه أكد أن هذا التردي لم يكن خيار روسيا.
وأوضح بوتين "إننا قلقون من تدهور العلاقات الروسية الأمريكية. ولم يكن ذلك خيارنا. إننا لم نسع لذلك أبدا، بل نريد أن تربطنا علاقات صداقة مع هذا البلد الضخم والعظيم والاقتصاد الرائد في العالم".
وأضاف أن تحسين العلاقات الروسية الأمريكية يتطلب احترام كل طرف لمصالح الطرف الآخر والالتزام بعلاقات الشراكة، مشيرا إلى أن الحوار مع إدارة أوباما تعقده محاولات واشنطن فرض شروطها. وقال الرئيس الروسي: "إننا مستعدون للحوار، لكن الحوار هو البحث عن حل توافقي".
وفيما يتعلق بانتخابات الرئاسة الأمريكية، أكد بوتين أنه لا يجوز استخدام روسيا كورقة للتلاعب في المنافسة السياسية الداخلية بالولايات المتحدة، على حساب العلاقات الثنائية.
وأشار الرئيس الروسي إلى أن جميع المشاركين في السباق الرئاسي في الولايات المتحدة يحاولون تحقيق مكاسب عن طريق استغلال الخطاب المعادي لروسيا، معربا عن استعداد موسكو للعمل مع أي رئيس أمريكي منتخب إذا رغب في التعاون مع روسيا.
وفيما يخص مشروع القرار الفرنسي حول سوريا في مجلس الأمن الدولي، أعلن بوتين أن سبب استخدام روسيا لحق الفيتو ضده يعود إلى تحميل السلطات السورية كامل المسؤولية، دون أي ذكر للمعارضة.
وقال إن موسكو كانت مستعدة لدعم مبادرة المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، حول إخراج المسلحين من حلب، واقترحت على فرنسا إدخال تعديلات على مشروعها بهذا الخصوص، لكن باريس بعد التشاور مع واشنطن لم تأخذ بعين الاعتبار المقترحات الروسية، على خلاف الوعود التي قطعتها. مؤكدا أن مشروع القرار الروسي كان متوازنا.
وربط الرئيس بوتين الأحداث الأخيرة في مجلس الأمن بالانتخابات الأمريكية، قائلا إن خطوات كهذه من شأنها خدمة مصالح الولايات المتحدة عن طريق "تأزيم الوضع وإطلاق عنان الهستيريا ضد روسيا" في ظل المنافسة الانتخابية.
وأكد الرئيس الروسي، أن سياسة الابتزاز والضغط على روسيا في تسوية الصراع السوري لن تنجح. مشددا على أن روسيا تقدر علاقاتها مع فرنسا وتعدّها شريكا ذا أولوية في أوروبا، معربا عن استعداد موسكو للعمل مع جميع شركائها، بما فيهم فرنسا.
وعلى الصعيد الإقتصادي، أشار فلاديمير بوتين إلى أن العقوبات الغربية أثرت على اقتصاد بلاده، وأن ذلك يتضح بالدرجة الأولى في تقييد الوصول إلى التقنيات.
وقال الرئيس الروسي "نحن نكرر باستمرار كالتعويذة، أن هذه العقوبات لا تؤثر علينا..في الواقع هي تؤثر وخاصة في تقييد وصول التقنيات، وهذا بالمناسبة يؤذي.. ليس الاقتصاد الروسي فقط.. بل والاقتصاد العالمي بشكل عام، لأن الاقتصاد الروسي يعد بالتأكيد، قطاعا هاما في الاقتصاد العالمي".
وأكد بوتين أن روسيا في السنوات الأخيرة تمكنت من تحقيق الاستقرار الاقتصادي بشكل عام، لافتا الى أن مؤشرات عديدة تؤكد ذلك، كمستوى التضخم الذي من المتوقع أن يقل عن 6%.
وقال الرئيس الروسي: "لقد كان التضخم في بداية شهر أكتوبر/ تشرين الأول عند مستوى 6.4% على أساس سنوي.. أود أن أذكّر أن هذا المؤشر كان في بداية أكتوبر/تشرين الأول قبل عام عند مستوى 15.7%".
وأضاف بوتين: "يجب علينا الحفاظ على نهج يهدف لزيادة استقرار الاقتصاد الكلي، بما في ذلك دعم نهج تحقيق أهداف خفض مستوى التضخم، وانتهاج سياسة مالية مسؤولة".
وبخصوص موقف روسيا من مسألة الاتفاق مع الدول المنتجة للنفط لتجميد الإنتاج، قال بوتين "حرصا على الاقتصاد الروسي وقطاع الطاقة بل وأيضا الاقتصاد العالمي، يجب تجميد إنتاج النفط عند المستويات الحالية.. وعلى العموم، يمكننا أن ننظر حتى بإمكانية خفضه، لكن لا طائل من هذا الأمر، وفي حال توصلت دول (أوبك) إلى اتفاق حول التثبيت، فسوف ننضم إلى هذا الاتفاق".
كما أكد بوتين أن المشكلة الوحيدة تكمن في الاتفاق بين البلدان المختلفة من داخل "أوبك": "لا يوجد هنا سر، هناك تقارب بين موقفي إيران والسعودية إلى حد كبير.. الأمر يتعلق برغبة إيران في العودة لمستويات إنتاجها ما قبل العقوبات.. وأنا لا أرى أي عوائق تقف في طريق التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن تجميد الإنتاج عند مستوياته الحالية".
ومجيبا عن سؤال حول العوامل التي تحد من نمو الاقتصاد وما هي الإصلاحات اللازمة للتغلب على الأزمة؟ قال بوتين "أهم شيء بالنسبة لنا هو زيادة الإنتاجية.. وهذا، بكل تأكيد مرتبط بالاقتصاد الحقيقي، ومخرج للوصول إلى التكنولوجيات الجديدة.. ومرة أخرى أريد أن أكرر ما قيل للتو، وهو تحسين نوعية الجودة.. لأن رداءة الجودة واحدة من العوامل التي تردع نمو الاقتصاد، ولكن هناك مجموعة كاملة مما نسميه تنويع الاقتصاد ككل".
وفيما يتعلق بالميزانية العامة لعام 2017، قال الرئيس الروسي أنها تمكنت من تحقيق التوازن بعجز بلغت نسبته 3% من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا هو مستوى مقبول حتى بالنسبة للاقتصادات الرائدة في العالم. مشددا على أن الحكومة الروسية ستنظر يوم الخميس بالميزانية لمدة الثلاث سنوات القادمة.