بعد فشلها دبلوماسيا.. واشنطن تستنجد بالإرهابيين لمهاجمة المدن والطائرات الروسية
خرجت الولايات المتحدة عن قواعد اللياقة والدبلوماسية لتوجه تهديدات مبطنة لروسيا، الأمر الذي وصفته الخارجية الروسية بـ"التهديد والابتزاز".
إذ أعلنت الخارجية الأمريكية فجأة، يوم الأربعاء 28 سبتمبر/أيلول، أن وقف التعاون بين موسكو وواشنطن بشأن سوريا قد يؤثر سلبا على روسيا. وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جون كيربي إن "استمرار الحرب الأهلية في سوريا، سيدفع المتطرفين والجماعات المتشددة لاستثمار فراغ السلطة القائم في سوريا ويواصلون توسيع نطاق هجماتهم، التي دون شك، ستستهدف مصالح روسيا، بل ومن الممكن حتى أن تستهدف المدن الروسية نفسها. وسوف تستمر روسيا في إرسال جثث جنودها من سوريا إلى وطنهم، وفقدان الموارد وحتى الطائرات مرة أخرى".
وأشار كيربي إلى أن الإدارة الأمريكية تدرس التدابير التي من شأنها تعليق التعاون بين موسكو وواشنطن في سوريا. وهدد بأن واشنطن قد تضطر لاتخاذ خطوات، إذا اقتضى الأمر، في "حال عدم اتخاذ موسكو خطوات ملحوظة تهدف إلى وقف العنف واستئناف العملية السياسية في سوريا في المستقبل القريب".
وجاء الرد الدبلوماسي الروسي يوم الخميس 29 سبتمبر/ أيلول، إذ اعتبر نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف أن تهديدات واشنطن وتحذيراتها بشأن "خطر إرهابي يحدق بروسيا" بعد فشل الهدنة في سوريا تصب في مصلحة الإرهابيين وتدل على إصابة الإدارة الأمريكية بانهيار عصبي، ودليل على انحدار الإدارة الأمريكية الحالية في اتجاه ممارسة سياسات منحطة تمثل "دعوة موجهة للإرهابيين لمهاجمة روسيا".
كما وصف ريابكوف تصريحات واشنطن بشأن تعليق التعاون مع روسيا، بأنه عبارة عن سياسة تهديد وابتزاز تستهدف فرض حلول تروق لواشنطن ووكلائها على روسيا. وبالتالي من المستحيل التوصل إلى تسوية، وإلى استعادة الاستقرار، على مثل هذا الأساس. وحذر بأن "واشنطن التي تضع الاتفاقات الخاصة بسوريا في خانة الشك، تضر بعلاقاتها الثنائية مع موسكو".
ومن جانبها، تحدثت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا عن المعان الخفية لتصريحات الدبلوماسي الأمريكي جون كيربي عن احتمال تعرض مدن روسية لهجمات إرهابية. وطرحت زاخاروفا ثلاثة تساؤلات حول هذا التهديد المبطن الذي جاء على خلفية تلويح واشنطن بإمكانية تعليق التعاون مع موسكو بشأن سوريا، بسبب التصعيد الأخير في حلب.
وكتبت الدبلوماسية الروسية على حسابها في موقع “فيسبوك” الخميس “هل سيتولى هذه المهمة (الأعمال الإرهابية وتنامي التطرف) أولئك “المعتدلون الذين لا تقدر واشنطن منذ نصف عام على فصلهم عن تنظيم جبهة النصرة؟”، متابعة “أما الأعمال الإرهابية في فرنسا والولايات المتحدة وفي دول أخرى، وقطع “داعش” لرؤوس الناس من مختلف الجنسيات – هل كل ذلك عبارة عن نموذج مختلف (عما يتنبأ به كيربي لروسيا)؟ أو ربما عن واقع مواز جديد؟”.
كما أشارت زاخاروفا إلى أن تعليقات كيربي تشبه أوامر توجيه الكلاب أكثر مما تشبه التعليق الدبلوماسي.
يذكر أنه بعد عدة أيام من انهيار الهدنة الهشة في 19 سبتمبر/ أيلول الحالي، لم يستبعد البيت الأبيض إمكانية توسيع العقوبات المالية ضد روسيا، على خلفية ما أسماه بـ "دعم موسكو لنظام دمشق". وقال جوش أرنست الناطق باسم الرئيس الأمريكي، تعليقا على دعوات بعض الساسة الأمريكيين إلى فرض عقوبات جديدة ضد روسيا على خلفية التطورات في سوريا، قال إن "آفاق فرض عقوبات مالية إضافية ما زالت قيد الدراسة".
وأوضح بأن "العقوبات المالية نفسها أثبتت نفسها كآلية مفيدة لتحقيق مصالحنا في العالم برمته. ولذلك لا نستبعد فرض مثل هذه العقوبات". وشدد على أن واشنطن تفضل العمل على هذا المسار بالتعاون مع شركائها، وليس بشكل أحادي. وكان وزير الخارجية البريطانى بوريس جونسون قد انضم هو الآخر إلى دعوة بعض السياسيين الأمريكيين لتطبيق عقوبات ضد روسيا، على خلفية التطورات الأخيرة في حلب.
ومن الواضح أن هذه التصريحات والتصرفات، تترافق مع نزعة أمريكية – أوروأطلسية بفرض عقوبات ضد روسيا بسبب الأزمة السورية، بعد أن قام الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بتمديد عقوباتهما ضد موسكو وتوسيع بعضها على خلفية الحرب الأهلية الأوكرانية والمواجهات الداخلية في هذا البلد بين كييف ودونباس في شرق أوكرانيا.