تقرير أمريكي: مسيحيو الشرق الأوسط يواجهون الانقراض

19.03.2015
يواجه مسيحيو الشرق الاوسط خطر الانقراض في الاوطان التي ولد وتجذر فيها دينهم. وخلال العقد الماضي تعرض

المسيحيون في المنطقة للقتل على أيدي التنظيمات الارهابية، وتعرضوا للتهجير بسبب الحروب الاهلية وتفكك الدول، وعانوا

التعصب الاجتماعي الذي تؤججه الحركات الاسلامية والتمييز المؤسساتي المتجذر في القوانين والممارسات الرسمية في الكثير

من الدول في الشرق الاوسط. هكذا يلخص تقرير صدر أمس عن "مركز التقدم الاميركي" وهو مؤسسة ابحاث تقدمية في

واشنطن، الاخطار المحدقة بالمسيحيين في الشرق الاوسط استنادا الى ابحاث ومقابلات ميدانية اجراها باحثون عرب واميركيون

خلال السنتين الاخيرتين في مصر ولبنان والقدس واسرائيل والضفة الغربية والعراق والاردن وتركيا.

ويضع التقرير الوضع المتردي للمسيحيين في المنطقة في سياق التغييرات السياسية والنزاعات الضخمة التي

تعصف بالمنطقة والتي تشمل الانتفاضات العربية والحروب الاهلية التي انبثقت منها، والآثار الكارثية على

المسيحيين الناتجة من الاقتتال السني - الشيعي. كما يضع التقرير انحسار عدد المسيحيين في المنطقة في سياق

التغييرات والانماط الديموغرافية والسياسية والاقتصادية في المنطقة منذ عشرات السنين والتي تفسر هجرة

المسيحيين، لكنه يركز على الاخطار الجسيمة الناجمة عن أعمال العنف والترهيب التي تستهدف المسيحيين

كمسيحيين.

وأهمية التقرير، وعنوانه "معاناة المسيحيين في الشرق الاوسط: دعم الحريات الدينية والتسامح في زمن

الاضطرابات" تنحصر في انه لا يقتصر على شرح معاناة المسيحيين فحسب، بل يقدم عددا من المقترحات

والتوصيات العملية للولايات المتحدة كي تضطلع بدور أهم لمعالجة هذا التحدي الملح. ويشير التقرير الى ان

وضع المسيحيين في المنطقة "هو مؤشر مهم لطبيعة المنطقة التي ستبرز بعد هذه المرحلة الانتقالية

المضطربة". ويضيف: "لكن الصورة الكبيرة تبدو قاتمة، وردود الفعل من الولايات المتحدة واوروبا وغيرها

من الدول النافذة على هذه الموجة التدميرية الجديدة بقيت هامشية".

ويتفادى التقرير التعميم ويتطرق الى الاوضاع المختلفة للطوائف المسيحية في بعض الدول العربية مثل لبنان

والعراق وسوريا ومصر، وينبه الى خطأ استخدام المصطلحات التعميمية عن المسيحيين وسبل تحسين

اوضاعهم، ذلك ان أوضاع المسيحيين في مصر ولبنان على رغم الصعوبات الراهنة هو أفضل من وضع

المسيحيين في سوريا او العراق. ويبرز التقرير في مستهله صعوبة التثبت من العدد الحقيقي للمسيحيين في

المنطقة، موضحا ان التقديرات تراوح بين 7,5 ملايين و15 مليوناً معظمهم في مصر وسوريا ولبنان.

ويرى أنه "اذا استمرت عملية اقتلاع احدى أهم الفئات الدينية في العالم من الشرق الاوسط، فإنه ستكون لذلك

عواقب سلبية على مفاهيم التعددية والتسامح وعلى قدرة شعوب المنطقة على العيش المشترك والتفاعل مع بقية

العالم". ويبرر التقرير الاهتمام بالمسيحيين في المنطقة "بكونهم يمثلون فئة مهمة لها جذور عميقة في المنطقة،

ويعتبر وضعهم بمثابة باروميتر عن قدرة الذين ينتمون الى الاديان الاخرى او غير المؤمنين على التعايش

والتقدم في المستقبل في الشرق الاوسط". ويركز على ان النزاعات في المنطقة هي في جوهرها نزاعات على

السلطة السياسية وتستخدم المذاهب والعصبية الدينية لاغراض التعبئة.

ويتطرق التقرير بشكل ملطف الى اخطاء المسيحيين وانقساماتهم في المنطقة، ويفيد ان المسيحيين في مصر

عموماً ايدوا الانقلاب العسكري على حكم "الاخوان المسلمين"، وأن مسيحيي لبنان يعانون الانقسامات في

صفوفهم.

وتشمل توصيات التقرير للحكومة الاميركية تحويل مسألة الحريات الدينية جزءا عضويا من السياسة

الخارجية، وبناء شراكات اوسع مع المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص لمساعدة المسيحيين، ومضاعفة

الجهود الديبلوماسية الدولية لحل نزاعات المنطقة، واعادة النظر في أولويات مساعدة اللاجئين، وتركيز هذه

الجهود على اللاجئين المسيحيين.

ويوصي التقرير بالتعامل الحذر مع مسألة توفير تأشيرات دخول (فيزا) للمسيحيين في المنطقة لئلا يفسر ذلك

بأنه تشجيع على الهجرة او على معاملتهم بطريقة خاصة. كما يوصي باستخدام القدرات الاميركية في مجال

الاتصالات لتشجيع الحريات الدينية والتعددية، وعلى توسيع مجالات التطور الاقتصادي وجهود الاصلاح،

الى الاستثمار في مجالات التعليم وسيلة لتعزيز الحريات الدينية والتعددية. ويوصي ايضاً بان يكون أي

استخدام للقوة العسكرية حذراً وان يحصل بطريقة تتفادى العواقب السلبية، واخيرا التعاون مع المؤسسات

الدولية والكنائس الرئيسية في العالم للحفاظ على التراث الحضاري للمسيحيين في العالم العربي والشرق

الاوسط.

وشارك في وضع التقرير عدد من الباحثين، وكتبه بريان كاتوليس ورودي دليون، وجون كريغ.